مقدمة :
إذا كان العالم العربي يتسم بوجود قواسم تاريخية وحضارية ودينية مشتركة، فإنه على المستوى الجغرافي يتميز مجاله بتنوع وتباين خصائصه الطبيعية.
فما التوطين المجالي للعالم العربي؟
وما أهمية موقعه الإستراتيجي؟
وما الروابط والمقومات المشتركة بين أقطاره؟
وكيف يمكن توظيف هذه الروابط والمقومات المشتركة في اتجاه دعم التعاون والتكامل العربيين؟
1- المقومات والخصائص الجغرافية المشتركة بين المغرب والعالم العربي:
أ- الموقع الجغرافي للعالم العربي والمغرب وأهميته الإستراتيجية:
يمتد الوطن العربي من الخليج العربي إلى المحيط الأطلنتي (بين خطي الطول 60 شرقا و 17 غربا ) ومن تخوم الصحراء الكبرى إلى البحر المتوسط ( بين خطي العرض 2 جنوبا و 38 شمالا). ويقع المغرب في أقصى غرب الوطن العربي.
يمتد العالم العربي في قارتي إفريقيا و آسيا، و يتميز بمساحة كبيرة، و يطل على البحر الأبيض و المحيط الهندي و الأطلسي، و توجد به ممرات ملاحية دولية مثل قناة السويس وباب المندب ومضيق هرمز.
تكمن الأهمية الإستراتيجية للمغرب في كونه ينفتح على المحيط الأطلسي و البحر الأبيض المتوسط، و يطل على مضيق جبل طارق، و يوجد على مسافة قصيرة من القارة الأوروبية.
ب- المقومات الطبيعية و البشرية في المغرب والعالم العربي:
• الطبيعية: يتميز الوطن العربي وضمنه المغرب بانتشار المناخ الصحراوي والتضاريس الصحراوية التي تتخذ شكل هضاب صخرية وكثبان رملية، كما يتميز بضعف الشبكة المائية والغطاء النباتي وغلبة التربة الفقيرة. وتوجد في الوطن العربي أقاليم مناخية أخرى أقل انتشارا، وهي: المناخ المتوسطي، والمناخ شبه الجاف، والمناخ شبه الاستوائي، والمناخ المداري الرطب. كما توجد به وحدات تضاريسية أخرى اقل انتشارا، هي: الجبال والسهول، وفي ظل هذه المعطيات لا تشكل الأراضي الزراعية إلا نسبة ضئيلة من المساحة الإجمالية للوطن العربي.
• البشرية: تميل نسبة الوفيات إلى الانخفاض في جل البلدان العربية بما فيها المغرب بسبب تحسن مستوى العيش مقارنة مع العقود السابقة، وفي المقابل يسجل تباين في نسبة الولادات حيث لا تزال مرتفعة في بعض الدول العربية، ومتوسطة في دول أخرى من بينها المغرب، ويرتبط هذا الاختلاف بمدى تطبيق سياسة تحديد النسل، وينعكس ذلك على نسبة التكاثر الطبيعي. ويشترك المغرب مع العالم العربي في معدل أمد الحياة الذي هو متوسط إلى مرتفع، وفي غلبة الفئة الوسطى، مع تباين الكثافة السكانية حسب الظروف الطبيعية والإمكانات الاقتصادية.
2- المقومات الحضارية والاقتصادية المشتركة بين المغرب والعالم العربي:
أ- الأسس الحضارية المشتركة بين المغرب والعالم العربي:
التاريخ المشترك: تأثر المغرب بحضارات الشرق العربي وحوض البحر الأبيض المتوسط، وخضع للاستعمار الأوربي كباقي الدول العربية، كما استمر تبادل التأثير والتأثر بين المغرب والعالم العربي.
الثقافة العربية الإسلامية: توافدت قبائل عربية على المغرب منذ الفتح الإسلامي، وبالتالي حدثت مصاهرة بين العنصر العربي والعنصر الامازيغي، وانتشر الإسلام منذ قرون في المغرب فانعكس ذلك على العادات والتقاليد.
الانخراط في المنظمات الإقليمية العربية والإسلامية: المغرب عضو في الجامعة العربية، وعضو في منظمة المؤتمر الإسلامي.
ب- المقومات الاقتصادية:
نسبة الأراضي الزراعية في المغرب أكثر من مثيلاتها في باقي الوطن العربي، وبالتالي فالمغرب يتوفر على مؤهلات فلاحية تجعله يصدر بعض المنتجات الفلاحية كالحوامض والخضر والفواكه. ويتوفر المغرب على ثروة سمكية هائلة يصدر جزءا منها، ولا ينافسه في ذلك من البلدان العربية سوى تونس. ويمتلك المغرب %75 من الاحتياطي العالمي للفوسفاط، بحيث يعتبر أول مصدر وثاني منتج عالمي له، ويوجد بنسبة أقل في مصر والأردن وتونس. وتتفوق موريتانيا عربيا في إنتاج وتصدير الحديد، في المقابل يفتقر المغرب إلى مصادر الطاقة وخاصة البترول والغاز الطبيعي اللذان يوجدان بكميات كبيرة في دول الخليج العربي وليبيا والجزائر.
ج- المؤشرات الاجتماعية:
ينتمي المغرب إلى مجموعة البلدان العربية التي تعاني من ضعف مؤشرات الدخل الفردي والتمدرس والتأطير الصحي وارتفاع نسبة البطالة والفقر والأمية، عكس بلدان الخليج العربي.
خاتمة:
تغلب أوجه التشابه على الخصائص الجغرافية والطبيعية والبشرية، مع تباين الخصائص الاقتصادية والاجتماعية، وتظل الوحدة العربية شكلية في ظل عدم تحقيق الاندماج الاقتصادي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق