ما هو مفهوم الدوغمائية؟


ما هو مفهوم الدوغمائية؟



الدوغمائية تعريب لكلمة Dogmatism التي يعود أصلها لكلمة يونانية بمعنى "الرأي" أو "المعتقد الأوحد".
والمقصود بها اتجاه فكري يعبر عن التعصب لفكرة معينة دون قبول النقاش فيها، أي "الجمود الفكري"؛ لذا فـ"الدوجمائية" ليست مذهبا فلسفيا بقدر ما هي طريقة تفكير تتصف بها أي فرقة أو مذهب أو فلسفة تزعم امتلاك الحقيقة المطلقة بشكل شامل -دون الاستناد إلى براهين يقينية-، وأن معتقداتها لا تقبل النقاش ولا التغيير، حتى وإن تغيرت الظروف التاريخية، أو المكانية أو الاجتماعية المحيطة بها؛ وهي -بالتالي- لا تقبل أي نقد، بل تنكر الآخر وترفضه باعتباره على باطل مطلق.
لذا فأي تطرف يصاحبه جمود في الفكر أو السياسة أو الدين أو حتى الفـن هو - من منظور الفلاسفة - فكر "دوجمائي".


ومن يحمل هذه النظرة - سواء على مستوى الأشخاص أو الفئات - يتسم بمجموعة من السمات؛ مثل: نفى الفكر المقابل -وربما تخوينه-، وعدم الرغبة في فتح قنوات للحوار أو البحث عن أرضية مشتركة مع الآخرين.


والعقلية "الدوغمائية" - سواء في الجانب الديني أو السياسي أو الفكري - موجودة في كل دول العالم؛ ومن أغرب الصور لهذه العقلية هو ما يظهر من كثير من العقول الغربية التي تتخذ موقفا معاديا من الحضارات الأخرى، وتزعم أن نموذجها الحضاري هو النموذج الأمثل للبشرية؛ بل وتعمل جاهدة على ترسيخ هذه الرؤية لدى الآخرين وعلى تعميم نموذجها من خلال "العولمة"، ومن ثم فهي تقف من الحضارات الأخرى موقف التعالي، إن لم يكن العداء ومحاولة إبادتها.


وفي نطاق الفلسفة نجد أن كثيرا من المدارس الفلسفية تمثل أفكارها نموذجا واضحا "للدوجمائية"؛ مثل فلسفات (أفلاطون) و(أرسطو) قديما، وفلسفات (ديكارت) و(باسكال) و(هيجل) و(ماركس) حديثا. وفي الشرق نجد كذلك "الدوغمائية" في أفكار ومعتقدات بعض التيارات المتعصبة في علم الكلام وأصول الدين قديما، وبعض التيارات السياسية حديثا.


وفي المقابل نرى أن كثيرا من علماء أصول الفقه الإسلامي يُظهر منهجهم في التفكير رفضهم "الدوغمائية" وتفهمهم النموذجي للرأي الآخر؛ مثل الإمام (الشافعي) الذي اشتهر بمقولته الذهبية: "رأيي صواب (أي الذي أعتقد صوابه) يحتمل الخطأ، ورأي غيري خطأ (أي الذي أعتقد خطأه) يحتمل الصواب".
تعليقات