الصفحات

السبت، 30 مارس 2024

القضيّة الفلسطينيّة وأزمة الشرق الأوسط إلى سنة 1956

القضيّة الفلسطينيّة وأزمة الشرق الأوسط إلى سنة 1956


القضيّة الفلسطينيّة - القضيّة الفلسطينيّة وأزمة الشرق الأوسط إلى سنة 1956




القضيّة الفلسطينيّة وأزمة الشرق الأوسط إلى سنة 1956 :


1- تطور الأوضاع في الشرق الأوسط حتى سنة 1947:

أ- الشرق العربي أثناء الحرب العالميّة الثانية:

اكتسى الشرق العربي خلال الحرب العالميّة الثانية أهميّة بالغة نظرا لموقعه الجغرافي وثرواته النفطيّة خاصة بعد أن بلغت قوّات المحور القوقاز والعلمين فهدّدت بذلك المصالح الانقليزيّة في المنطقة. وقد تمكّنت انقلترا من مجابهة هذا الخطر مستفيدة بمساندة بعض الدول العربيّة لها.

ففي مصر، أصبحت البلاد، طبقا لبنود معاهدة 1936، قاعدة انقليزيّة خلال الحرب حيث سخّرت كلّ إمكانياتها الاقتصاديّة والبشريّة لصالح المجهود الحربي الانقليزي في الشرق. واغتنمت انقلترا هذه الظروف لتتدخل في الشؤون السياسية المصرية حتى أنها أجبرت الملك فاروق في فيفري 1942 على إعادة حزب الوفد إلى الحكم نظرا لمؤازرته لها. أمّا في العراق فقد سعت الدعاية النازية إلى تأليب العراقيين ضدّ الهيمنة الانقليزيّة التي اشتدّت بغية المحافظة على آبار النفط بالبلاد ممّا جعل المعارضة الوطنيّة للانقليز تنمو خاصة في صفوف الجيش. فنظّم كبار الضباط في أفريل 1941 انقلابا عسكريّا ضدّ حكومة نوري السعيد المتواطئ مع انقلترا. وانبثق عن هذا الانقلاب حكومة جديدة برئاسة أحد الوزراء القدامى رشيد عالي الكيلاني. فاعتبرت انقلترا هذه الحركة امتدادا للنفوذ الألماني واستغلت قرارها القاضي باستعادة القواعد العسكريّة الانقليزيّة في البلاد لتوجه قوات عسكرية هامة للبصرة وتحتلّ بغداد. فسقطت حكومة رشيد عالي الكيلاني واستعادت انقلترا هيمنتها على العراق بعد ان ألفت حكومة موالية لها، وقد اعتمدت انقلترا في ذلك على تأييد أمير شرق الأردن، عبد الله بن الحسين الذي أرسل جيوشه للعراق خدمة للنفوذ الانقليزي بالشرق وطمعا في كسب تأييد انقليزي لتحقيق أطماعه التوسعيّة.

أمّا في سوريا ولبنان، وبعد هزيمة فرنسا على أرضها أمام ألمانيا، فقد سمح المفوّض السامي الجنرال دانتز (DENTEZ) الموالي لحكومة فيشي، للألمان باستخدام المطارات السوريّة. فاصبحت المواقع الانقليزيّة بالمنطقة مهدّدة بصفة مباشرة ممّا دفع بالقوات الانقليزيّة المعزّزة لقوات "فرنسا الحرّة" بقيادة الجنرال كاترو إلى مهاجمة سوريا ولبنان في جويلية 1941 مع وعد سكّانها بالاستقلال.

 وبعد أن أطردت قوّات دانتز من سوريا، أعلن الجنرال كاترو والمندوب العام لفرنسا الحرّة، إنهاء الانتداب الفرنسي على سوريا في سبتمبر 1941 ولبنان في نوفمبر 1941. لكن هذا الاستقلال كان شكليا نظرا لتمادي مرابطة الجيوش الفرنسية والانقليزية بالبلاد. وتألفت حكومات وطنية في البلدين غير أن فرنسا سعت في نهاية الحرب لتأمين مصالحها بالجهة بإقامة قواعد عسكرية. فنجم عن ذلك تعدد المظاهرات والإضرابات في سوريا أخدمتها القوات الفرنسية بوحشية بالغة يومي 29 و 30 ماي 1945. لكن تصاعد المعارضة الوطنية السورية أرغم فرنسا على إجلاء قواتها ومنع الاستقلال إلى سوريا في افريل 1946 ولبنان في ديسمبر 1946.

نظرا للمعطيات الجديدة التي أفرزتها الحرب العالمية الثانية في الشرق الأوسط ولكي تحافظ انقلترا على مكانتها أوعزت للعرب بإقامة تجمع يدعى "الهلال الخصيب" ويضم العراق وسوريا ولبنان وفلسطين ويخضع لنفوذها الاقتصادي خاصة. لكن هذا المشروع أخفق نظرا لعدم موافقة بعض الدول العربية المعنية، ولتطور قضية فلسطين. وأمام هذا الإخفاق عملت انقلترا اعتمادا على الأنظمة العربية الرجعية، على كسب جامعة الدول العربية التي تأسست في مارس 1945 من مصر وسوريا ولبنان، وشرق الأردن والعراق واليمن والعربية السعودية. وقد اتخذت هذه الجامعة القاهرة مقرا لها، وحددت لنفسها عدة أهداف من أبرزها الاهتمام المطلق بقضية فلسطين وتوثيق العلاقات بين الدول العربية، وعدم الالتجاء إلى القوة لفض النزاعات بين الدول الأعضاء.

ب- قضية فلسطين أمام الأمم المتّحدة:

انتهز الصهيونيون ظروف الحرب فانضم عدد كبير منهم إلى جيوش الحلفاء وتمكّنوا من التدرّب على الأسلحة والأساليب الحربيّة. وعندما أشرفت الحرب على نهايتها نقلت انقلترا الفرقة اليهوديّة المنضوية داخل جيشها إلى فلسطين حيث تمّ تسريحها بعتادها الحربي. فساهمت في تكوين نواة لعدّة عصابات إرهابية "كالهاجانا"، و "شترن". ومن ناحية أخرى تمكن الصهيونيون من كسب مساندة الولايات المتّحدة وخاصة الدوائر السياسية والرأي العام الأمريكي بعد أن رفضوا الكتاب الأبيض الصادر في سنة 1939، خلال المؤتمر المنعقد في ماي 1942. وقد تجلّت هذه المساندة حين قرّر الكنغرس الأمريكي في جانفي 1944 تشجيع الهجرة اليهوديّة إلى فلسطين وقيام دولة يهوديّة لها، وتدعّمت هذه المساندة بتبني هذه المواقف من طرف الحزب الجمهوري والحزب الديمقراطي أثناء الحملة الانتخابيّة الرئاسيّة في أواخر 1944. وفي سبتمبر 1945 أصدع الرئيس توومان رسميا بموقف الولايات المتحدة حين ألح على انقلترا قبول 100.000 مهاجر يهودي لفضّ مشكلة اليهود المتشردين في أوروبا.

ولقد استغلت انقلترا اهتمام الولايات المتحدة باليهود لتشركها سنة 1946 في لجنة تحقيق تقوم بدراسة أوضاع اليهود وإيجاد حل للمشكلة الفلسطينية. وباشرت اللجنة الانقليزية الأمريكية مهمتها في جو من الاضطرابات التي نظمتها العصابات الصهيونية ضد الفلسطينيين والإدراة البريطانية في فلسطين، وأصدرت في أول ماي 1946 تقريرا يقضي بمنح 100.000 رخصة هجرة لليهود ورفض إقامة دولة يهوديّة أو دولة عربية في فلسطين. ورغم تحيزها لليهود فقد فشلت اللجنة في مهمتها حيث رفض الطرفان الفلسطيني واليهودي هذا التقرير. وبينما عمد الصهيونيون إلى تصعيد الإرهاب في فلسطين بنسف السكك الحديدية، وتدمير الجسور وبث الألغام ونهب المعسكرات الانقليزية وتكثيف الهجرة غير الشرعية. قامت انقلترا بمحاولة أخرى لإيجاد حل للمشكلة فنظمت مؤتمر لندن الذي جمع الفلسطينيين واليهود. وإثر فشل هذا المؤتمر أعلنت انقلترا عن تخليها عن قضية فلسطين وإحالتها على الجمعية العامة للأمم المتحدة في بداية أفريل 1947 ودعتها إلى عقد دورة استثننائية لبحث هذه المشكلة.

التأمت الجمعية العامة في 25 أفريل 1947 وقررت تأليف لجنة تحقيق تضم إحدى عشر دولة. وبعد معاينة الوضع ودراسته اقترحت اللجنة تقسيم فلسطين إلى دولة عربية ودولة يهودية ووضع القدس والأماكن المقدسة تحت إشراف هيئة الأمم المتحدة. وبعد مناقشة تقرير اللجنة، أقرّت الجمعية العامة في 29 نوفمبر 1947، مشروع التقسيم بأغلبية 33 صوت مقابل 13 صوتا وامتناع عشر دول من بينها انقلترا عن التصويت.

2- حرب فلسطين ونتائجها:

أ- هزيمة العرب الأولى أمام إسرائيل: النكبة:

بعد أن أصدرت الأمم المتحدة قرارها القاضي بتقسيم فلسطين، رفضه العرب نظرا للحيف الذي احتوى عليه، بينما أعلنت انقلترا عن لسان وزير خارجيتها أنها لن تتحمل مسؤولية تطبيق هذا القرار، كما عبرت عن عزمها في سحب قواتها من فلسطين ووضع حدّ للانتداب البريطاني في 14 ماي 1948. أدّت هذه المعطيات الجديدة إلى اختلال الأمن بفلسطين واضطراب الأوضاع حيث تعدّدت الاصطدامات الدامية بين الفلسطينيين والعصابات الصهيونية الإرهابيّة وما أن أعلنت انقلترا إنهاء انتدابها على فلسطين حتى أعلن اليهود في تل أبيب قيام دولة إسرائيل. وتسابق الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي في الاعتراف بالدولة الجديدة إزاء هذا الوضع عارضت الدول العربية المستقلة (سوريا العراق، مصر، شرق الأردن، ولبنان) قيام هذه الدولة فزحفت الجيوش العربية مدعمة بعدد كبير من المتطوعين العرب، إلى فلسطين لحماية السكان العرب من الإرهاب الصهيوني ومساعدة الفلسطينيين على إقامة حكومة وطنية موحدة لفسطين. ورغم انعدام التنظير المحكم والاستعداد الجدي، فقد تمكنت الجيوش العربية من التفوق إذ بلغت القوات المصرية الضواحي الجنوبية للقدس واحتل الجيش العراقي طولكرم وسيطر الجيش السوري على المنطقة الشماليّة واحتلّ جيش شرق الأردن المنطقة العربيّة الواقعة غربي نهر الأردن. وبينما كانت كفّة العرب راجحة تدخل مجلس الأمن بتأثير من الولايات المتحدة الأمريكية وفرض في 19 جوان 1948 على الدول العربية عقد هدنة أولى لمدّة أربعة أسابيع مع حرمان كل فريق من جلب الأسلحة والمحاربين. وعهدت الأمم المتحدة إلى الوسيط الدولي الكونت فولك برنادوت بالإشراف على تنفيذ هذا القرار بمساعدة عدد من المراقبين الدوليين. وفي هذه الأثناء قام الكونت برنادوت بإعداد مشروع يقضي بتوحيد الجزء العربي من فلسطين مع شرق الأردن، أما في الجزء الباقي من فلسطين فتقام دولة يهودية مرتبطة بالدولة العربية بواسطة اتحاد فيدرالي فأقر مجلس الأمن هذا المشروع في 4 جويلية 1948.

أمّا على الصعيد العسكري فمكّنت الهدنة الصهيونيين من تدارك الوضع بالحصول على كميات ضخمة من جميع أنواع الأسلحة، وبتعزيز قواتهم بالمزيد من المقاتلين والمتطوعين وتدريبهم، وبتنظيم الجيش. بينما لازمت الدول العربية احترام شروط الهدنة خاصة وقد فرضت عليها الدول الأروبية حظر التزود بالسلاح. ولما استؤنف القتال خلال جويلية 1948 انقلب ميزان القوى لصالح القوات الإسرائيلية التي أرغمت الجيوش العربيّة على التراجع والتخلي على مراكزها في جميع الجبهات.

وتدخل مجلس الأمن وقرّر في جويلية 1948 هدنة جديدة إلاّ أنّ الجيش الإسرائيلي واصل هجومه وركز خرق قرار مجلس الأمن على الجبهة المصريّة. فتدخلت الجيوش اليهوديّة في قطاع غزة وتوغلت داخل حدود مصر في سيناء، وبلغت خليج العقبة وأقامت ميناء ايلات. كما خرق اليهود الهدنة في الشمال وانتزعوا الجليل الغربي. وفي الأثناء عمد الصهيونيون إلى اغتيال الوسيط الدولي برنادوت بالقدس إثر إعداده تقريرا يكشف فيه عن خرق الهدنة من طرفهم.

قامت الدول العربية، المتحاربة مع إسرائيل، بين فيفري وجويلية 1949 بتوقيع هدنة دائمة مع إسرائيل بعد أن غنمت هذه الأخيرة 6700 كيلو مترا مربعا بالإضافة للمساحة التي خصّصها قرار التقسيم للدولة اليهوديّة. أمّا مملكة شرق الأردن التي أقامها الانقليز في مارس 1921 لصالح عبد الله بن الشريف حسين لمنعه من الثأر لأخيه فيصل المطرود من إسرائيل، فقد ضمت الضفة الغربيّة لنهر الأردن (5000 كلم²) فتكوّنت بذلك منذ 1950 المملكة الأردنيّة الهاشميّة. وخضع قطاع غزة للإدارة المصريّة، بينما بقيت القدس مقسّمة إلى منطقة شرقية تحت الإدارة الأردنية ومنطقة غربية خاضعة لإسرائيل. وحين أصدرت الأمم المتّحدة في ديسمبر 1948 قرارا لتدويل مدينة القدس قبلته الدول العربية بينما رفضه كلّ من الأردن وإسرائيل. أظهرت الحرب العربية الإسرائيليّة الأولى عجز الأنظمة العربيّة وتنافر القادة السياسيين وإيثارهم مصالحهم الشخصيّة على القضيّة الفلسطينيّة.

ب- تشتّت الفلسطينيين:

لقد نجم عن حرب 1948 تشتت جغرافي للفلسطينيين. وكان المجتمع الفلسطيني قد استهدف إلى التفكك قبل الحرب. فمنذ صدور قرار التقسيم كثفت العصابات الصهيونية خاصة الهاجانا، شترين والارغون عملياتها ضد جيش التحرير العربي، و"اللجان القومية" التي أقامها الفلسطينيون في القرى والمدن وقد ارتكز إرهاب هذه العصابات على اقتراف جرائم فظيعة ضد الفلسطينيين لحملهم على ترك ديارهم والتخلي عن ممتلكاتهم. ففي 9 أفريل 1948 عمد الصهاينة إلى تنظيم مجزرة "ديرياسين" الواقعة في منطقة القدس، حيث داهموا القرية وفتكوا بأهلها وذبحوا حوالي 250 نفرا من سكانها دون تمييز بين الشيوخ والنساء والأطفال. ورغم استنكار الرأي العام العالمي فقد أعادوا نفس الجريمة في قرية "ناصر الدين". كما تجددت هذه الفضائع بعد قيام دولة إسرائيل إذ استهدفت قرية "كفر قاسم" في 29 أكتوبر 1956 لعمليّة تقتيل وحشيّة.

لقد حققت سياسة الإرهاب أهدافها حيث غادر فلسطين خلال الأربعة أشهر الأولى من سنة 1948 350000 فلسطيني، وتضخم هذا العدد خلال الحرب إذ بلغ 757000 لاجئ التحقوا بالقسم الشرقي من فلسطين وبالدول العربية خاصة الأردن. ولم يبق في الأراضي التي خضعت لدولة إسرائيل إلا 160000 فلسطيني.

وقد تجمع هؤلاء اللاجئين في مخيمات عانوا فيها ظروف حياة قاسية، وإثر مطالبة اللاجئين والدول العربية بالعودة إلى مناطقهم، أصدرت الأمم المتحدة في ديسمبر 1948 قرارا ينص على ضرورة السماح للاجئين الراغبين في العودة إلى ديارهم وتقديم إسرائيل تعويضا عن الأملاك للذين يبقون خارج إسرائيل. كما أنشأت الأمم المتحدة خلال 1949 وكالة الإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين اتخذت بيروت مقرا لها.

ج- حركة التحرير الوطني الفلسطيني:

ظلّت القضيّة الفلسطينيّة قضيّة مكبّلة بالغموض والملابسات مضافة إلى عدّة عوامل غير مستقلّة عنها. ففي المجال العالمي اعرتفت معظم الدول بإسرائيل وساعدتها ماديّا وأدبيّا واعتقدت أن كيانها تهدّده الدول العربية وأنّ الفلسطينيين ليسوا إلا لاجئين عربا لهم وطن عربي فسيح قادر على استيعابهم كلهم. والسبب في عطف الرأي العالمي على إسرائيل من جهة واستخفافه بحقوق الفلسطينيين من جهة أخرى راجع إلى الدعاية الصهيونيّة القائمة على استغلال أخطاء العرب ووعودهم بمحق إسرائيل رغم هزائمهم المتكرّرة.

ولمّا أدرك الفلسطينيون خاصة بعد هزيمة جوان 1967 أن قضيّتهم ليست قضيّة نزاع بين العرب واليهود إنّما هي قضيّة شعب مستعمر مشرد يكافح من أجل استقلاله وسيادته واسترجاع وطنه وأن شرف الكفاح الوطني من أجل فلسطين يرجع إلى الفلسطينين قبل غيرهم عند ذلك كوّنوا منظمة التحرير الفلسطيني وبدأوا يسجلون أولى انتصاراتهم العسكرية والدبلوماسية.

3- تصادم المصالح الإمبريالية بالوعي الوطني:

رغم حصول دول الشرق الأوسط على الاستقلال السياسي فقد حافظت انقلترا خاصة على امتيازاتها الاقتصادية والاستراتيجية بالجهة، في مناطق استغلال النفط وقناة السويس. وقد اعتمدت انقلترا في ذلك على بقايا الاتفاقيات التي عقدتها مع الأنظمة الملكية في العراق والأردن ومصر. وكانت هذه الأنظمة المحافظة ترتكز على أسس تقليدية هيمن عليها الإقطاعيون فعم الفساد والرشوة الجهاز الإداري. وترتب عن استمرار الهيمنة الاقتصادية الأجنبية، وعجز الأنظمة خاصة العربية بعد عام النكبة، تطور الوعي الوطني حيث أدركت نخبة محلية أن الاستقلال الحقيقي لا يكتمل إلا بثورة شاملة تقوص هذه الأوضاع. وقد عملت هذه النخبة، أصيلة الأوساط الشعبية، على بث هذا الوعي في صفوف الجماهير مستغلة تجمع السكان في المدن وتطور وسائل الإعلام، كما قامت في بعض البلدان بمحاولات جادة لتجسيمه.

أ- أزمة النفط:

حاولت الدول الغربية الاحتفاظ بمصالحها في الشرق الأوسط خاصة وأن بلدان هذه المنطقة تملك ثروات نفطية طائلة تقدر بحوالي ثلثي الاحتياط العالمي. وقد كانت الشركات النفطية العالمية تدفع جزءا من عائدات النفط إلى الدول المنتجة التي تنفقها في إنجاز مشاريع ذات أهمية بالنسبة لمتطلبات الاقتصاد القومي، أو في رفع مستوى معيشة السكان.

وقد احتدت المنافسة بين الشركات الانقليزية والأمريكية بعد الحرب العالمية الثانية حين سيطرت الشركة العربية الأمريكية للنفط (ARAMCO) على 80 بالمائة من إنتاج النفط بالعربية السعودية. ونظرا لهذه المعطيات ولأهمية هذه الثروة الطبيعية فقد حاول بعض الوطنيين بسط مراقبتهم عليها. ففي إيران كانت الشركة الانقليزية الإيرانية (ANGLO-IRANIAN OIL COMPANY) تراقب إنتاج النفط الإيراني. وقد أدت هيمنة هذه الشركة والرغبة الملحة في تأميم إنتاج النفط إلى تكتل الوطنيين الإيرانيين داخل "الجبهة الوطنية" التي تمكنت من الوصول إلى الحكم خلال 1950 وتشكيل حكومة وطنية ترأسها الدكتور مصدق. فقامت هذه الحكومة في سنة 1951 بتأميم إنتاج النفط. لكن الشركات البترولية العالمية قررت مقاطعة النفط الإيراني بينما توصلت الأوساط الامبريالية بتواطئ مع بعض ضباط الجيش الإيراني إلى الإطاحة بالحكومة الوطنية خلال 1953 ومع عودة الشاه الذي فر إلى الخارج استرجعت الدول الغربية سيطرتها على المنطقة حيث عهد لتجمع رأسمالي دولي هيمنت عليه الولايات المتحدة، بتسويق الإنتاج الإيراني للنفط. وهكذا فقد اصطدمت التجربة الإيرانية بقوة الإمبريالية الغربية فمنيت بالفشل.

ب- أزمة قناة السويس:

حافظ الانقليز على مركزهم في مصر وفقا لمعاهدة 1936 التي خولت لهم الحضور العسكري بمنطقة قناة السويس. وقد دعمت انقلترا هذا الحضور عقب الحرب العالمية الثانية مستغلة فساد الحكم، وانصراف المالك فاروق (بن فؤاد الذي اعتلى العرش منذ 1936) عن تسيير شؤون الدولة، وتنافس الأحزاب السياسية على الحكم. وقد اقترن هذا الانحلال عن تسيير شؤون الدولة، وتنافس الأحزاب السياسية على الحكم. وقد اقترن هذا الانحلال السياسي بتدهور الأحوال الاقتصادية والاجتماعية حيث امتدت الفوارق بين الطبقات الاجتماعية وسيطر الإقطاعيون على الأراضي الزراعية فقد كانت 37 بالمائة من المساحة الجملية لهذه الأراضي ملكا ل 4 بالمائة من مجموع الملاكين فقط. ونتيجة لكل هذه العوامل اشتدت الوعي الوطني لدى المصريين وتفاقمت المعارضة خاصة وقد اعتبر النظام المسؤول الأول عن هذه الوضعية وخاصة على "النكبة". فقام الضباط الأحرار في 23 جويلية 1952 بثورة على النظام الملكي وأرغموا الملك على التنازل عن العرش ومغادرة البلاد. وانبثقت عن الثورة حكومة ترأسها محمد نجيب قامت بحل الأحزاب السياسية وإلغاء الدستور ثم إعلان الجمهورية في 17 جويلية 1953. وخلال 1954 تم تعويض محمد نجيب بجمال عبد الناصر. فوقعت مصر مع انقلترا في أكتوبر 1954 اتفاقية الجلاء عن منطقة القناة التي احتوت على عدة قرارات من أهمها:
تلغى معاهدة التحالف الموقعة في أوت 1936.
يتمّ جلاء جميع القوات البريطانية جلاء تاما عن الأراضي المصرية في مدة لا تزيد عن 20 شهرا من تاريخ توقيع الاتفاق.
تبقى أجزاء من قناة السويس، اتفق عليها الطرفان، في حالة صالحة للاستعمال مع وجود بعض الخبراء الانقليز المدنيين فيها".وتطبيقا لهذه الاتفاقية تمّ جلاء 80 ألف جندي بريطاني عن قاعدة قناة السويس.

ومن جهة أخرى حاولت الحكومة المصريّة تنشيط الاقتصاد. فسنّت الإصلاح الزارعي وحاولت توسيع مساحة الأراضي السقوية ورفع إنتاج الكهرباء ببناء السدّ العالي. وأمام افتقارها إلى الاعتمادات الضرورية لجأت إلى محاولة الاقتراض من البنك الدولي للإنشاء والتعمير. لكن الضغط الغربي جعل هذه المؤسسة ترفض إقراض مصر. فصمم جمال عبد الناصر على وضع حد للسيطرة الأجنبية وخاصة الفرنسية والانقليزية على اقتصاد مصر. وفي 26 جويلية 1956 أعلن جمال عبد الناصر تأميم شركة قناة السويس التي تملك فيها انقلترا وفرنسا (بدرجة أقل) نسبة هامة من الأسهم. وبعد محاولة شل حركة الملاحة عبر قناة السويس عمدت الدولتان بالاتفاق مع إسرائيل إلى شن هجوم ثلاثي على منطقة القناة في أواخر أكتوبر 1956. وإزاء هذا الوضع أنذر الاتحاد السوفياتي الدول المغيرة بالتدخل مباشرة إلى جانب مصر إذا لم تضع حدا لعدوانها. وتحاشيا لصدام العملاقين بالمنطقة أرغمت الولايات المتّحدة، كلاّ من فرنسا وانقلترا على قبول وقف إطلاق النار الذي قرره مجلس الأمن في 6 نوفمبر 1956. ولقد أدى التنديد العالمي بهذه العملية إلى جلاء القوات الأجنبية في جانفي 1957.

وقد مكنت واقعة قناة السويس النظام العسكري المصري من الرسوخ والدولة الإسرائيلية من التوسع والاتحاد السوفياتي من التدخل في شؤون المنطقة.

الجمعة، 29 مارس 2024

درس أزمة المدينة وأشكال التدخل


درس أزمة المدينة وأشكال التدخل


درس أزمة المدينة وأشكال التدخل :  

مقدمة:

أسفر النمو الديموغرافي السريع والتوسع الحضري المتزايد على عدة أزمات داخل المدن المغربية، استوجب معها التدخل بأشكال مختلفة للتخفيف من وطأة هذه المشاكل.

فما هي مظاهر وعوامل أزمة المدينة المغربية؟
وما هي أشكال التدخل لمعالجة هذه الأزمة؟


1- تطور ظاهرة التمدين وانعكاساتها:

أ- تطور الظاهرة الحضرية بالمغرب:

عرفت الساكنة المغربية نموا مضطردا حيث انتقلت من 5% سنة 1900م إلى 55% سنة 2004م، وهكذا ازداد عدد المدن بفعل تطور التمدين الذي أدى إلى توسع كبير للمدن، ويرجع ذلك إلى التزايد الطبيعي الكبير والهجرة الريفية إلى المجالات الحضرية.

ب- نتائج وانعكاسات ظاهرة التمدين بالمغرب:

بعض انعكاسات ظاهرة التمدين׃

• على المستوى المجالي׃ تمركز جل المدن بالساحل وبالمناطق الفلاحية والمنجمية مما ساهم في تعميق التفاوتات المجالية داخل التراب الوطني، وظهور ظاهرة الاستقطاب الحضري من طرف المدن الكبرى (الدار البيضاء).

• على المستوى البيئي׃ توسع المدن على حساب الأراضي الزراعية والغابات، وتزايد الضغط على الموارد المائية (الماء الشروب)، وتراكم النفايات المنزلية الصلبة والسائلة، وتزايد حدة التلوث الجوي، وكثرة الضجيج (الضوضاء).

• على المستوى الاجتماعي׃ ارتفاع الطلب على السكن وعلى التجهيزات الاجتماعية في المراكز الحضرية، وارتفاع نسبة البطالة، وتنامي ظاهرة الفقر الحضري، ونقص الخدمات الاجتماعية والثقافية والرياضية.

• على مستوى نسيج المدن׃ ظهور الأحياء الهامشية (مدن الصفيح)، وانتشار السكن العشوائي في ضواحي المدن، وتزايد الضغط على المدن العتيقة مما تسبب في تدهورها.

2- بعض مظاهر أزمة المدينة المغربية على المستوى الاقتصادي والاجتماعي وأشكال التدخل:

أ- مظاهر أزمة المدينة على المستويين الاقتصادي والاجتماعي:

• على المستوى الاقتصادي: افتقار لمؤسسات اقتصادية كبيرة محركة للاقتصاد، تضخم الاقتصاد الغير المهيكل، المضاربة العقارية، انخفاض الدخل الفردي.

• على المستوى الاجتماعي: قلة فرص الشغل، انتشار البطالة، أزمة السكن، انتشار أحياء الصفيح والبناء العشوائي، انتشار مظاهر الإقصاء الاجتماعي …

ب- أشكال التدخل لمعالجة أزمة المدينة على السوسيو اقتصادية:

• التدابير الاقتصادية: تشجيع الأنشطة المفورة للدخل وفرص الشغل، تشجيع الاستثمارات، خلق وتشجيع المقاولات الصغرى والمتوسطة لفائدة الشباب الحاملين للشهادات، تشجيع التعاونيات الحرفية والإنتاجية …

• التدابير الاجتماعية: إطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، برنامج الأوراش الكبرى 1999م، المشروح النموذجي لمحاربة الفقر في الأوساط الحضرية، اطلاق برنامج مدن بدون صفيح 2004/2010 …

3- تعرف المدن المغربية عدة أزمات في مجالات الخدمات والتجهيزات العمومية مما يستوجب التدخل لمعالجتها:

أ- مظاهر أزمة المدينة على مستوى التجهيزات والخدمات العمومية والبيئية:

• في مجال التجهيزات والخدمات العمومية: عدم كفايات التجهيزات التحتية والمرافق العمومية، خصاص كبير في الخدمات العمومية، أزمة النقل الحضري العمومي والخصوصي …

• في مجال البيئة الحضرية: مشكل جمع ومعالجة النفايات المنزلية، مشكل التلوث الهوائي في المدن الكبرى، تدهور البنايات العتيقة والمآثر التاريخية، قلة المساحات الخضراء …

ب- أشكال التدخل لمعالجة أزمة المدينة في مجال التجهيزات والخدمات العمومية والبيئية:

• التجهيز والخدمات العمومية: فتح الأوراش العمومية لإنجاز وتوفير التجهيزات الحضارية، تفويت خدمات توزيع الماء والكهرباء والصرف الصحي للشركات الأجنبية، تفويت خدمات التطهير وجمع النفايات المنزلية لبعض الشركات الأجنبية بالمدن المغربية …

• النقل الحضري: تشجيع شركة النقل الخصوصي منذ 1985م، تفويت النقل الحضري لبعض الشركات الأجنبية في بعض المدن المغربية: البيضاء ومراكش …

4- أشكال التدخل في تدبير مشاكل المجال الحضري من خلال عمليات التهيئة وإعداد التراب الوطني׃

أ- دور التهيئة الحضرية في معالجة مشاكل التعمير والتنظيم المجالي بالمدن المغربية:

• تدابير قانونية: قانون التعمير 30 يوليوز 1952م، قانون التهيئة والتعمير 17 يونيو 1992م، مشروع إعداد مدونة التعمير 13 أكتوبر 2005م.

• تدابير مؤسساتية: تأسيس المعهد الوطني للتهيئة وإعداد التراب الوطني 1981م، انشاء الوكالات الحضرية 10/09/1993، إحداث المفتشيات الجهوية لإعداد التراب الوطني والبيئة، إنشاء مجموعة التهيئة ـ العمران.

• تدابير تقنية: إصدار مجموعة من الوثائق الموجهة للتهيئة الحضرية، التصاميم المديرية للتهيئة الحضرية، تصاميم التنطيق، تصاميم التهيئة …

ب- أشكال تدبير الإشكالية الحضرية بالمغرب من خلال سياسة إعداد التراب الوطني

• في المجال الاقتصادي: تنمية الأساس الاقتصادي للمدن.

• في المجال الاجتماعي: اعتماد التنمية الاجتماعية.

• في المجال العمراني: معالجة إشكالية السكن العشوائي والقضاء على دور الصفيح.

• في مجال التخطيط الحضري: اعتماد التدبير الحضري الفعال.

خاتمة:

رغم المجهودات المبذولة لا تزال المدن المغربية تعاني من عدة مشاكل.

الأربعاء، 27 مارس 2024

القضيّة الفلسطينيّة حتى 1945




القضيّة الفلسطينيّة حتى 1945 :

1- وعد بلفور: 2 نوفمبر 1917:

أ- الحركة الصهيونيّة:

استغلت الحركة الصهيونيّة العصبيّة الدينيّة لليهود المعتمدة على أفكار "الشعب المختار" و"المهمة اليهوديّة" أو "المهمة اليهوديّة" و "أرض الميعاد"، فارتكزت على العنصريّة والتوسّع فكانت حركة استعماريّة تطوّرت في نطاق السياسة الاستعماريّة الأروبيّة. فجسم هذا التلاحم تركيز قاعدة الامبرياليّة الأروبيّة في الشرق الأوسط.

نشأت الحركة الصهيونية خلال القرن التاسع عشر في ظلّ الحركة التوسعية الأروبية واتسمت هذه الحركة في بدايتها باتجاه تعاوني يهودي وكانت أروبا الشرقية مركزا لنموها. وأضفى الصحفي النمساوي "تيودور هرتسل" على الحركة صبغة سياسيّة عندما نشر في سنة 1896 كتابه "الدولة اليهودية" وأعلن في أنّ "الحلّ لجميع مشكلات اليهود المضطهدين في هذا العام، هو قيام الدولة اليهوديّة على رقعة من الأرض متّسعة تكفر أمة محترمة..." وقد تدعّمت هذه الصبغة في المؤتمر الصهيوني الأول الذي انعقد في أوت 1897 بمدينة بال في سويسرا وضمّ 204 نائب في جميع أنحاء العالم. وحدّد هذا المؤتمر هدف الحركة بأنّه "خلق وطن للشعب اليهودي في فلسطين يضمنه القانون العام". ولتحقيق هذا الهدف أوصى المؤتمر:
بتشجيع استيطان العمال الزراعيين والصناعيين اليهود في فلسطين.
بتنظيم جميع اليهود داخل مؤسّسات محليّة وجامعات عامّة طبقا لقوانين كل بلد.
بتنمية الشعور والوعي القوميين لدى اليهود.
باتخاذ المساعي التمهيديّة للحصول على موافقة الحكومة لتحقيق هدف الصهيونيّة. كما أنشأ المؤتمر الوكالة اليهوديّة التي عهد لها بتنظيم اليهود في العالم وتوجيههم لتنفيذ هذه القرارات وحاول هرتل استخدام كل الوسائل لحمل الدول الكبرى وخاصة ألمانيا على مساندة الحركة الصهيونيّة. قام في سنة 1901 بالاتصال بالسلطان العثماني عبد الحميد ملتمسا الترخيص بتكوين شركة يهوديّة لاستثمار الأراضي الزراعية بفلسطين لكنّ السلطان رفض رفضا قطعيّا فاتصل اليهود بالحركات الأروبيّة الاستعماريّة ألمانيا وانقلترا وإيطاليا فوعدتهم برعاية مصالحهم في الشرق الأوسط. لكن هذه الدول لم تول أهميّة لأهداف الصهيونيّة ثم أنشأ هرتل الصندوق القومي اليهودي لتوفير رأس مال لشراء الأراضي بفلسطين وإعلانها ملكا ثابتا لليهود.

وتحت ضغوط الأوساط الماليّة اليهوديّة بدأت انقلترا تهتمّ بالحركة الصهيونيّة فاقترحت في سنة 1902 منح اليهود منطقة العريش، ولكن هذا المشروع فشل بسبب معارضة الحكومة المصريّة واللورد كرومر المعتمد البريطاني في مصر. ثم اقترحت انقلترا منطقة في كينيا عرف بمشروع "أوغندة". فانقسمت الحركة الصهيونيّة بين مؤيد للمشروع ومعارض له مصرّ على التمسّك بفلسطين التي يعتبرها اليهود أرض الميعاد، فرفض المؤتمر الصهيوني العالمي السادس سنة 1903 هذا المشروع.

ب- وعد بلفور:

بدأت الحركة الصهيونيّة في الانتشار من البلدان التي كان يتمتّع بها اليهود بنفوذ اقتصادي استغلوه لتحقيق أطماعهم. وقد هيّأت الحرب العالميّة الأولى الظروف الملائمة لذلك فركزت الحركة الصهيونيّة نشاطها على الحلفاء وخاصة انفلترا حيث قام حاييم وايزمان بدور رئيسي في التعاون مع انقلترا ومحاولة لحصول على وعد من الحلفاء لتحقيق أهدافهم. ووافقت هذه الطموحات مخططات انقلترا الاستعماريّة في الشرق الأوسط والمتجسّمة في الاتفاقية السريّة "سايكس بيكو" (1916) التي قسّمت تركة "الرجل المريض" إلى مناطق نفوذ.

ونجح الزعماء الصهاينة في الحصول من الحكومة البريطانية في نوفمبر 1917 على وعد في شكل رسالة من اللورد بلفور وزير خارجية بريطانيا إلى اللورد روتشيلد أظهر فيها تعاطف الحكومة البريطانية مع فكرة إقامة مقر قومي يهودي في فلسطين مع احترام الحقوق المدنيّة والدينيّة لسكّان المنطقة الأصليين. في حين التزمت انقلترا قبل ذلك للشريف حسين الاعتراف باستقلال البلاد العربية ومن ضمنها فلسطين عند انتهاء الحرب العالمية الأولى مكافأة لها على مشاركتها في الحرب إلى جانب الحلفاء. وقد نال هذا التصريح من جهة موافقة إيطاليا وفرنسا وأثار مخاوف العرب. فحاولت انقلترا تهدئة هذه المخاوف عندما أكدت في أوائل 1918 للشريف حسين على عدم منح اليهود حقوقا سياسيّة في فلسطين ولكن مجرد إقامة مستوطنات خاصة باليهود في إطار فلسطين العربيّة، كما طمأنت انقلترا العرب بتنفيذها نقاط الرئيس ولسن. لكنّها فاجأتهم بعد تحرير فلسطين في أواخر الحرب بوضعها تحت الإدارة العسكريّة الانقليزيّة. وخلال انعقاد مؤتمر الصلح بباريس ضبط ميثاق عصبة الأمم الذي نص في المادة 22 على الانتداب وأصنافه وطريقة تطبيقه.

وفي أفريل 1920 أقرّ مؤتمر سان ريمو هذه المادة إذ وضع فلسطين تحت الانتداب البريطاني إلى جانب وضع سوريا ولبنان تحت الانتداب الفرنسي. بينما قامت السلط العسكرية بتشجيع الهجرة اليهودية إلى فلسطين. وضبطت رسميا المادة 95 من معاهدة "سيفر" المبرمة في أوت 1920 مسؤولية الدولة المنتدبة في فلسطين عن "تنفيذ تصريح بلفور الذي أصدرته الحكومة البريطانية في نوفمبر 1917" وأقرته دول الحلفاء فيما بعد.

وقد نصت المادة 22 في ميثاق عصبة الأمم "أن بعض الجماعات التي كانت من قبل تابعة للامبراطوريّة العثمانيّة قد وصلت من الرقي إلى درجة يستطاع معها الاعتراف مؤقتا بكيانها كأمم مستقلّة على أن تتولى المشورة والمعونة الإداريّة لها دولة منتدبة وذلك إلى الوقت الذي تصبح فيه قادرة على الوقوف وحدها، على أن يكون لرغبات هذه الجماعات، الاعتبار الأول في اختيار الدولة المنتدبة". ولكن هذه الرغبات لم تأخذ بعين الاعتبار إذ أقر مجلس عصبة الأمم في جويلية 1922 وثيقة الانتداب الانقليزي على فلسطين التي احتوت على ذكر وعد بلفور وموافقة الحلفاء على إقامة المقر القومي اليهودي وعلى مسؤولية انقلترا في ذلك مع التذكير بالعلاقة التاريخيّة التي تربط اليهود بفلسطين وأسباب إقامة هذا المقرّ لهم. أمّا المادة 2 من هذا الميثاق فقد نصت على أن "تكون الدولة المنتدبة مسؤولة عن وضع البلاد في أحوال سياسية وإدارية واقتصادية تضمن إنشاء الوطن القومي اليهودي (...) وتكون مسؤولة أيضا عن صيانة الحقوق المدنيّة لجميع سكان فلسطين بقطع النظر عن الجنس والدين".

وهكذا تمكّنت الحركة الصهيونية من تحقيق جزء هام من أهدافها خلال الحرب العالميّة الأولى وأثناء مؤتمر الصلح الذي خيّب أمال العرب في الاستقلال.

2- سياسة الانتداب البريطانيّة:
 
قامت انقلترا قبل إقرار وثيقة الانتداب من طرف عصبة الأمم باستبدال النظام العسكري بإدارة مدينة يسيرها مندوب سام انقليزي من أصل يهودي ومتحمّس للحركة الصهيونية: هربارت سموئيل. وظهر تحيزه لهذه الحركة دون مراعاة حقوق العرب حين سارع بتعيين اليهود في الوظائف الإدارية السامية وبتشريك اللجنة الصهيونية التنفيذية في إدارة شؤون اليهود. وأوجد هذا المندوب السامي الظروف الملائمة لإقامة المقرّ القيومي اليهودي.

أ- الهجرة اليهودية:

سمح المندوب السامي للوكالة الصهيونية العالمية وللوكالة اليهودية التي يرأسها ويزمان لاتخاذ فلسطين مركزا لنشاطهما ومنحهما امتيازات في اختيار اليهود المهاجرين لفلسطين، كما وضعت الإدارة البريطانيّة على ذمة المهاجرين اليهود الأراضي التي انتزعت من العثمانيين وسنت تشريعات نقلت بمقتضاها ملكيّة الأراضي العربيّة إلى الإدارة البريطانيّة التي أسندتها بدورها إلى اليهود، كما رفعت من نسب الضرائب الفلاحية لإجبار الفلاحين الفلسطينيين على التفريط في أراضيهم لتسديد الديون والضرائب المجحفة وقد مكنت بذلك اليهود من الاستحواذ على أخصب الأراضي خاصة السهول الساحليّة والشماليّة.

واقترن دخول القوات الانقليزيّة بقدوم حوالي 25000 يهودي منحهم المندوب السامي الجنسية الفلسطينيّة، كما وضعت الإدارة البريطانيّة قانون الهجرة الذي سهل لكل يهودي الانتقال إلى فلسطين. ونتيجة لهذه التسهيلات تصاعد عدد اليهود من 83.000 سنة 1922 إلى 174.000 سنة 1931 و474.000 سنة 1941 وهو ما يعادل 3/1 العدد الجملي للسكان. وإزاء استنكار العرب لهذه السياسة عمدت الإدارة البريطانية في آن واحد إلى قمع نضال الشعب الفلسطيني وانتهاج سياسة التضليل والخداع بتكوين لجان التحقيق وإصدار الكتب البيضاء إثر كل انتفاضة شعبية.

ب- سياسة التضليل والخداع البريطانيّة:

إثر انتفاضة أفريل 1920 ألفت انقلترا لجنة التحقيق العسكرية لتظهر أمام الرأي العام في موقف الحكم لتنظر في أسباب ثورة الفلسطينيين ضد اليهود ومهاجمتهم لهم في القرى. وتشكلت لجنة ثانية إثر انتفاضة الفلسطينين في مارس 1921 عرفت بلجنة "هيكرافت" للتحقيق في أسباب هذه الحوادث. وتجاهلت انقلترا شكاوى العرب التي وردت في تقرير اللجنتين وتمادت في سياسة التهويد.

ولتبرير ذلك رسمت انقلترا خطة لتحميل العرب مسؤولية عجزها عن إقامة حكم ذاتي في فلسطين لعدم تعامل العرب معها فأصدرت في سبتمبر 1922 الكتاب الأبيض الأول ضمنته دستورا لفلسطين ينص على تكوين مجلس تشريعي متركب من 22 عضوا (10) موظفين انقليز يعينهم المندوب السامي و8 فلسطينين مسلمين منتخبين ومسيحيين (2) منتخبين ويهوديين (2) منتخبين ويعطى هذا الدستور لسياسة التهويد صبغة قانونية ويضمن أيضا هيمنة الانفليز واليهود. رغم معارضة الفلسطيين قام المندوب السامي بتعيين أعضاء المجلس الاستشاري من بين الانقليز واليهود.

وإثر ثورة أوت 1929 عمدت الإدارة البريطانيّة كعادتها إلى تشكيل لجنة برئاسة ويلتر شو واعتمادا على توصيات هذه اللجنة أصدرت الحكومة البريطانية كتابا أبيض جديدا سنة 1930 تضمن إعادة النظر في الهجرة وتحديدها وتأسيس مجلس تشريعي. وتخوفت انقلترا عند قبول المشروع من طرف الفلسطينيين من حين قاومته الأوساط الصهيونية في أروبا وأمريكا. مما أدى بها إلى التراجع عما اقترحته في الكتاب الأبيض الذي تعهدت فيه بمواصلة تشجيع الهجرة اليهودية فارتفع عدد المهاجرين بسبب اليهود الفارين من الاضطهاد النازي فكان ذلك سببا في ثورة فلسطين الكبرى سنة 1936.

وأمام اتساع رقعة المقاومة اضطرّت انقلترا إلى تشكيل لجنة ملكيّة برئاسة اللورد بيل وذلك لدراسة الوضع وتفضي أسباب الاضطرابات التي أرجعتها إلى رغبة العرب في الاستقلال ومعارضتهم لإقامة المقر القومي اليهودي، كما اعترضت اللجنة بتناقض تعهدات انقلترا تجاه العرب واليهود خلال الحرب العالمية الأولى وأوصت أخيرا بتقسيم فلسطين إلى ثلاث مناطق:
دولة يهودية تضم القسم الساحلي حتى حيفا.
دولة عربية تمتد على شرقي فلسطين والساحل الواقع جنوب يافا.
منطقة خاضعة لإدارة الانتداب تضم القدس والأماكن المقدسة وبيت لحم والناصرة.
وعقب ذلك أصدرت الحكومة البريطانية خلال 1937 كتابا أبيض قلبت فيه توصيات لجنة بيل بما في ذلك مشروع التقسيم. لكن هذا المشروع لاقى معارضة شديدة من طرف الفلسطينيين والمؤتمر العربي المنعقد في بلودان بسوريا سنة 1937 إذ طالب المؤتمرون إلغاء وعد بلفور الانتداب البريطاني وبذلك عجزت انقلترا عن تطبيق المشروع الأول للتقسيم.

وعقب ذلك أصدرت الحكومة البريطانية خلال 1937 كتابا أبيض قبلت فيه توصيات لجنة بيل بما في ذلك مشروع التقسيم. لكن هذا المشروع لاقى معارضة شديدة من طرف الفلسطينيين والمؤتمر العربي المنعقد في بلودان بسوريا سنة 1937 إذ طالب المؤتمرون إلغاء وعد بلفور الانتداب البريطاني وبذلك عجزت انقلترا عن تطبيق المشروع الأول للتقسيم. وفي أوائل 1939 بينما كانت الحرب العالمية الثانية تنذر بالاندلاع كانت بريطانيا تحرص أشد الحرص على مساعدة العرب للحلفاء فدعت إلى عقد مؤتمر لندن الذي حضرته بعض الدول العربية كمصر والسعودية إلى جانب الصهاينة. وعلى إثر هذا المؤتمر صدر الكتاب الأبيض لسنة 1939 يحمل اتجاهات السياسة الجديدة التي أزمعت بريطانيا انتهاجها في فلسطين. فأعلنت عزمها عن تأسيس دولة مستقلة في فلسطين ترتبط ببريطانيا بمعاهدة لمدة عشر سنوات والسماح لعشرة آلاف يهودي بالهجرة إلى فلسطين كل سنة من السنوات الخمس التالية على أن تتوقف بعد ذلك ما لم يسمح العرب باستمرارها وأعلنت الحكومة البريطانية أنه يجب وضع حد لاستملاك اليهود لأراضي جديدة في فلسطين. ولاقى هذا الكتاب ردود فعل عنيفة عند الصهيونيين وتظاهروا احتجاجا عن السياسة البريطانية الجديدة في حين لم تكن ردود الفعل عند العرب كلها مؤيدة. فجاء رفض الصهاينة في المؤتمر المنعقد بنيويورك في ماي 1942 الذي دعى إلى إعادة فتح أبواب الهجرة أمام اليهود إلى فلسطين وإلى تحويل البلاد إلى كومنولث يهودي. وعلى أساس هذا البرنامج تقدمت الوكالة اليهودية من الحكومة البريطانية بالمطالبة التالية:
إعلان قرار فوري باعتبار فلسطين دولة يهودية.
منح الوكالة اليهودية حق الإشراف على الهجرة اليهودية إلى فلسطين.
منح تعويضات عينية من ألمانيا لليهود ليعاد بناء اقتصاد فلسطين.
ضمان جميع التسهيلات الدولية لنقل اليهود الراغبين في استيطان فلسطين.وجاءت احتجاجات اليهود ضد الكتاب الأبيض لسنة 1939 معلنة عن بداية عهد استخدام اليهود للعنف والمقاومة اليهودية للسياسة البريطانيّة وانتقال مركز النشاط الصهيوني من بريطانيا إلى أمريكا حيث قام الصهاينة بحملات واسعة لتجنيد الرأي العام الأمريكي والكونغرس والحكومة الأمريكيّة لمحاربة الكتاب الأبيض لسنة 1939.

واعتمد الصهاينة في سياسة القمع على منظمات عسكريّة إرهابية كمنظمة "الهاجاناه" التي تكونت إثر الحرب العالميّة الأولى من اليهود الذين شاركوا في الحرب، وتزايد عدد أفراد هذه المنظمة مع تدفق المهاجرين إلى فلسطين فبلغ عددهم 60.000 في سنة 1946. وانشقت عن "الهاجانه" عصابتا "الارغون" بزعامة "مناحيم بيغين" وعصابة "شتيرن" المتطرفتان. فقامت العصابة الأولى بنسف القطارات ومهاجمة المعكسرات البريطانية لسرقة الأسلحة والقرى العربية وحاولت اغتيال المندوب السامي الفلسطيني في أوت 1944 واغتالت بالقاهرة اللورد مويسن البريطاني المناهض للصهيونية وساعدت الكثير من اليهود في دخول فلسطين بصورة غير شرعية.

3- الحركة الوطنية الفلسطينيّة حتى نهاية الحرب العالميّة الثانية:

أ- المقاومة قبل الانتداب البريطاني:

بدأت المقاومة الفلسطينية للهجرة اليهودية إلى فلسطين قبل الانتداب البريطاني بسنوات قليلة. وتخوّف الفلسطينيون وساورتهم الشكوك في نوايا اليهود أمام تصاعد عدد المهاجرين وتأسيس المستعمرات اليهودية الزراعية في الأراضي التي اشتروها من العرب بأثمان باهضة وإنشاء الجمعيات لتشجيع الهجرة كجمعية "محبي صهيون" و"البيلو" (بيت يعقوب) وإحياء اللغة العبريّة. واحتجاجا عن ذلك أرسل الفلسطينيون عريضة إلى السلطان التركي يطالبون فيها بمنع المهاجرين اليهود من دخول البلاد ومنعهم من شراء الأراضي فيها. وبعد سنة 1908 اشتدت هجمات الفلسطينيين على المستعمرات اليهودية في شمال البلاد لكن السلطات العثمانية قامت بحماية اليهود والسماح لهم بتكوين حرس يدافعون بهم عن أنفسهم.

ثم قام الفلسطينيون بتأليف جمعيات لمقاومة الصهيونيين. فتألف في يافا الحزب الوطني وأرسل المؤتمر العربي الفلسطيني الأول المنعقد بالقدس في فيفري 1919 برقية احتجاج إلى مؤتمر الصلح بباريس ضد وعد بلفور وخاصة ضد معاهدة "سيفر" التي أقرت هذا الوعد. ولم تسفر هذه الاحتجاجات عن أي نتيجة بل تواصلت الهجرة فتظاهر الفلسطينيون وحدثت اشتباكات بينهم وبين اليهود في ماي 1920 في العديد من المدن. وهكذا تتالت الاحتجاجات من مختلف المنظمات العربية استنكارا لوعد بلفور وانعقد المؤتمر الفلسطيني العام قبل منتصف عام 1921 ثلاث مرات.

ب- المقاومة الفلسطينيّة في ظلّ الانتداب:

خابت آمال الفلسطينيين التي علقوها على مؤتمر الصلح فتطور كفاحهم من أساليب المظاهرات والاحتجاجات إلى أساليب العملية فتوالت الانتفاضات.

● انتفاضة 1921:

في أول ماي 1921 حدثت اشتباكات كبيرة في مدينة يافا والمنطقة المجاورة أظهرت عداء الفلسطينيين للبرنامج الصهيوني وسخطهم على حكومة الانتداب. وتشابك العرب واليهود في حي المنشية بيافا وامتدت الاشتباكات إلى خارج يافا وهاجم العرب المستعمرات اليهودية واستمرت الاضطرابات 15 يوما. وإثر هذه الانتفاضة نشطت الحركة الوطنيّة الفلسطينيّة فانعقد المؤتمر الفلسطيني الرابع في القدس وأرسل وفدا إلى الحكومة البريطانيّة ترأسه كاظم باشا الحسيني وطالب الوفد بحكم وطني اعتمادا على الوعد الذي قطعته بريطانيا للشريف باشا الحسيني في مراسلاته مع مكماهمون وباقي الوعود والتصريحات الأخرى وإلى المادة 22 من ميثاق عصبة الأمم. لكنّ وزير المستعمرات البريطاني "تشرشل" أنكر أن يكون الوعد الذي قطعته بريطانيا على نفسها للعرب كان يقضي بأن تكون فلسطين ضمن المنطقة العربيّة.

● انتفاضة 1929:

كانت الفترة من 1925 إلى 1928 فترة هدوء نسبي. فبداية من 1925 تدفق تيار الهجرة فوفد على البلاد 51.000 مهاجرا خلال هذه الثلاث سنوات واتسعت مساحات الأراضي التي كان يملكها الصهيونيون في أخصب مناطق فلسطين. ومنذ 1927 أخذت الوكالة اليهودية تضم الصهيونيون وغيرهم.

هذه المخاطر التي كانت تهدد العرب كانت العوامل الرئيسية التي أدت إلى انتفاضة عام 1929. أمّا العامل المباشر فكان اعتداء اليهود على حائط المبكى الذي يشكل الجهة الغربية من ساحة الحرم الشريف. فقد قام اليهود بمظاهرة احتجاجا على منع العرب لليهود من إقامة ستائر ومقاعد قرب الحائط فهاجم العرب اليهود في مختلف مناطق فلسطين. وكانت ردود فعل السلط البريطانية عنيفة فأعدمت ثلاثة فلسطينيين.

● الثورة الفلسطينيّة الكبرى لسنة 1936:

انطلقت الثورة من حادث سطو قامت به عصابة على قافلة من السيارات قتل فيها يهودي فرد اليهود على هذه الحادثة بسلسلة من الاعتداءات والحوادث الاستفزازية خاصة في يافا، فقرّر الزعماء الفلسطينيون شنّ الإضراب العام. فقامت الحكومة البريطانيّة بحشد الجند في البلاد وإصدار قانون الطوارئ ونسف البيوت واعتقال الزعماء. وتحول الإضراب السلمي إلى ثورة منظمة تولى قيادتها فوزي القاوقجي الضابط المتخرج من المدرسة العسكرية باستنبول. وقابلت السلطات ثورة أهل البلاد بإجراءات تعسفيّة شديدة من نهب البيوت والممتلكات واعتقال الشبان الفلسطينيين.

واستجاب ملوك العرب وحكوماتهم لضغط الرأي العام العرب بوجوب التدخل. وبعد مشاورات وجه الملك ابن مسعود والأمير عبد الله نداءات ذات صيغة واحدة إلى الفلسطينيين تدعوهم إلى الإخلاء للسكينة "معتمدين على حسن نوايا صديقتنا الحكومة البريطانية ورغبتها المعلنة لتحقيق العدل". واستجابت اللجنة العربية العليا لهذه النداءات وأوقفت الإضراب. وأوصت اللجنة الملكيّة البريطانيّة التي وفدت على فلسطين للتحقيق بتقسيم البلاد. واستنكر الزعماء الفلسطينيون توصيات اللجنة الملكيّة فاجتمعوا في مؤتمر بلودان بسوريا بين 8 و10 سبتمبر حضرته عدّة بلدان عربيّة وهي فلسطين وشرق الأردن وسوريا ولبنان والعراق ومصر والحجاز. ورفض المؤتمر التقسيم وأصرّ على إلغاء الانتداب.

وكانت ثمار الثورة الكتاب الأبيض الذي أصدرته الحكومة البريطانية عام 1939 ورجعت فيه عن سياسة التقسيم. لكن التدخل الأمريكي إلى جانب اليهود والإرهاب الصهيوني في فلسطين أديا إلى إلغاء الكتاب الأبيض.

غير أن نشوب الحرب العالمية الثانية وحلول التعاون بين الإدارة الفرنسيّة والإدراة البريطانيّة محل التنافس وانضمام الدول العربيّة المجاورة لفلسطين إلى جانب الحلفاء عطّلت الثورة الفلسطينيّة.

ففي هذه المرحلة من تاريخ الشعب الفلسطيني تظاهرت بريطانيا بالبروز كطرف حيادي في صورة الدولة المنتدية فقط فعمدت إلى الخداع بإيفاد اللجان والتحقيق إثر كل شكوى وانتفاضة عربيّة لتغطية موقفها المتآمر ومهمّتها الرئيسيّة في فلسطين.

الثلاثاء، 26 مارس 2024

اللبلابي التونسي


اللبلابي التونسي


اللبلابي اكلة شعبية تونسية يتهافت التونسيون من مختلف الشرائح على إستهلاكها خصوصاً في الأيام الباردة في الصباح الباكر أو في المساء، ويعود ذلك بالأساس إلى طبيعة الأكلة الحارة ، مكوّناتها الاساسية هي الحمص وقطع صغيرة من الخبز، مع الهريسة وبعض التوابل خاصة الكمّون ويمكن أن يضاف إليها عادةً أحد أو كافة المكونات التالية: البيضة، زيت زيتون، ، تن، حبات زيتون مملحة ويعتبره الكثير من التونسيين زادهم في مقاومة البرد .

الكلمة مأخوذة من ‍التركية: لَبْلاَبِي Leblebi، أي حمص مقلي، ومن ‍الصربية: لَبْلاَبِيَا Леблебија، أي حمص وقد ظهرت هذه التسمية في تونس مع دخول الجيش الانكشاري وبسط السيطرة العثمانية على تونس بعد انهيار الحكم الحفصي حيث كان الحمص " الذي يطلق عليه باللغة التركية اللبلابي" من ضمن الزاد الذي يحمله معه هؤلاء الجنود .

علما وان اللبلابى موجود أيضاً في العراق و يختلف عن الموجود بتونس ويعرف بالـ (لَبلَبي)، ويحضر من الحمص مع الماء المحمّض، وهو عبارة عنحمص مسلوق يباع على نطاق واسع من طرف باعة متجولين في الشوارع وهذه الاكلة بدورها تعود إلى فترة العهد العثماني في العراق.

الاثنين، 25 مارس 2024

ملخص درس مدينة تونس مركز إشعاع حضاري في العهد الحفصي


ملخص درس مدينة تونس مركز إشعاع حضاري في العهد الحفصي


ملخص درس مدينة تونس مركز إشعاع حضاري في العهد الحفصي:


1- العهد الحفصي :

أسّست الدولة الحفصيّة على يد أبا زكريا يحي الحفصي سنة 634هـ، وامتدّت على كامل إفريقيّة وعلى جزء من الجزائر وكذلك من ليبيا، وقد أقاموا مدينة تونس كعاصمة للدولة.


2- مظاهر الازدهار الاقتصادي لمدينة تونس في العهد الحفصي :

لقد تنوّعت الصّناعات بمدينة تونس في العهد الحفصي وكان لكلّ نوع منها سوق خاصّة بها مثل :

• سوق النسّاجين

• سوق العطّارين

• سوق الصبّاغين

• سوق الدبّاغين

• سوق الحدّادين

ومازالت هذه الأسواق موجودة إلى يومنا هذا بتلك الأسماء.

وبتوسّع المدينة ظهر تجمّع سكني جديد خارج باب البحر، صار مخصّصا للتجّار الأجانب خاصّة الإيطاليّين والأسبان، وأنشأت الفنادق والملاجئ لإيوائهم.


3- مظاهر الازدهار العمراني والإشعاع الثّقافي لمدينة تونس في العهد الحفصي :

لقد اعتنى الحفصيّون بالعمران، فأنشئت المدارس كجامع الزيتونة والمدرسة الشمّاعيّة، وبنيت الحمّامات والأسواق، وأنشئت البساتين ورُمّمت الحنايا التي تجلب الماء من زغوان وأعيد توظيفها، كما أنشئت الزّوايا الّتي كانت تخصّص أيضا للعلم.

وأمام هذا الازدهار العمراني، ازدهرت أيضا العلوم والثّقافة حيث شجّع السّلاطين عليها على غرار أبو زكريا بن أبي إسحاق الّذي أمر ببناء مدرسة المعرض وقام بتحبيس ربعا عليها (أي أوقف منزلا بهذه المدرسة للسكن)، واشترى بماله كتبا نفيسة في كلّ فنّ من فنون العلوم.

كذلك اشتهرت عديد الجوامع التي تقدّم العلم من أهمّها جامع الزّيتونة الّذي توارد عليه الدّارسون من جلّ أقطار بلاد المغرب والأندلس، وظهر العديد من العلماء مثل عبد الرّحمان بن خلدون وهو أندلسيّ الأصل تونسيّ المولد والمنشأ ولد سنة 732 هـ وكان عالما عبقريّا ومؤرّخا مشهورا (يهتم بالتاريخ ويدوّنه). كما كان ورجل سياسة ومن أهمّ مؤلّفاته "كتاب العبر" الذي تناول في مقدّمته الشّهيرة علم التّاريخ وتطوّر المجتمعات البشريّة.

الجمعة، 22 مارس 2024

درس الحركة الوطنيّة المغربيّة

 
درس الحركة الوطنيّة المغربيّة



درس الحركة الوطنيّة المغربيّة :

مقدمة :

فرضت فرنسا حمايتها على المغرب الأقصى في ماي 1912 بينما سيّطرت على منطقة الريف الشماليّة. واجه الشعب المغربي هذا الاحتلال منذ البداية بمقاومة عنيفة (ثورة الريف 1921-1926) ثم ظهرت التنظيمات السياسيّة الوطنيّة خلال الثلاثينات لكنّها ظلّت مشتّتة وذات مطالب إصلاحيّة.

إثر الحرب العالمية الثانية استغلت الحركة الوطنية المغربية الظرفية الجديدة لتتجذر وتطور أساليب كفاحها.

1- ظرفيّة ملائمة لتجذر العمل الوطني :

أ- الظرفيّة الداخليّة:

ساهمت الحرب العالميّة الثانية في مزيد تردي الأوضاع الاقتصاديّة والاجتماعيّة بالمغرب الأقصى بسبب تراجع المحاصيل الفلاحيّة وتعطل المبادلات التجاريّة فانهارت القدرة الشرائيّة لشرائح واسعة من المجتمع وانتشر البؤس والفقر في المدن والأرياف وتوسعت بذلك القاعدة الشعبيّة للنشاط الوطني.

ب- المستجدات العالميّة :

اهتزّت صورة فرنسا إثر انهزامها في بداية الحرب العالميّة الثانيّة خاصة بعد عمليات الإنزال التي قام بها الحلفاء بالمغرب الأقصى والتي مكّنت السلطان محمد بن يوسف من اللقاء بروزفالت حيث عرض عليه مشاكل بلاده وحصل منه على وعد بالاستقلال إثر الحرب. كما كان لبروز نزعة مناهضة للاستعمار أثر عميق في دفع العمل الوطني.

2- تجذر العمل الوطني وانضمام السلطان للحركة الوطنيّة :

أ- تكتل القوى الوطنيّة ورفع مطالب الاستقلال :

أدرك العديد من قادة الأحزاب التي كانت تنشط قبل الحرب ضرورة توحيد الجهود للاستفادة من الظرفيّة الجديدة وتجلّى التكتّل من خلال تكوين "حزب الاستقلال" في أواخر 1943 بمبادرة عناصر وطنيّة من اتجهات مختلف وشخصيات مستقّلة. وقد طالب الحزب في بيانه الصادر في جانفي 1944 الاستقلال وإقامة نظام ملكي دستوري. لقي الحزب تأييدا شعبيّا واسعا واستطاع بفضل كفاءة قادته أن يتحوّل إلى أكبر حزب بالبلاد وارتفع عدد منخرطيه من 10 آلاف سنة 1944 إلى 100 ألف منخرط سنة 1953.

ب- مساندة الملك للعمل الوطني :

أيّد الملك بيان حزب الاستقلال منذ صدوره وقام بعدّة مساعي لدى السلط الفرنسيّة لتحقيق مطالب الحركة الوطنيّة حيث سافر في عدّة مناسبات إلى فرنسا ودعا إلى ضرورة مراجعة العلاقات الفرنسيّة المغربيّة واحترام سيادة المغرب. كما رفض الملك إمضاء العديد من الظواهير (القرارات) التي تقدّمها له الإقامة العامة.

ج- التعريف بالقضيّة المغربيّة في الخارج :

حرص القادة الوطنيون على استغلال الظرفية العالميّة الملائمة لتكثيف نشاطهم بالخارج خاصة بالمشرق العربي إثر تأسيس جامعة الدول العربيّة وبرز بالخصوص كلّ من علال الفاسي وعبد الكريم الخطابي بنشاطهما داخل "مكتب تحرير المغرب العربي" بالقاهرة. نجح الوطنيون في كسب تأييد العديد من الدول وفي عرض قضيّتهم أمام الجمعيّة العامّة للأمم المتّحدة التي دعت فرنسا إلى ضرورة تمكين المغرب من مؤسّسات سياسيّة حرّة.

3- الثورة المسلّحة والظفر بالاستقلال :

أ- دوافع الثورة المسلحة :
 
• تصلب السياسة الفرنسيّة:
رفضت فرنسا مطالب حزب الاستقلال وعمدت إلى سياسيّة القمع خاصة بين 1947 و1953 في عهد كل من المقيم العام جوان وغيوم ومن مظاهر هذه السياسة قمع الحركات الشعبيّة مثل أحداث ديسمبر 1952 واعتقال القادة ومنع الصحف الوطنيّة من الصدور وتهديد الملك بالخلع إلى جانب محاولة كسب ولاء بعض الأعيان مثل التهامي القلاوي وتأليبهم ضدّ السلطان.

• خلع السلطان محمد الخامس:
رغم الضغوطات رفض الملك الانصياع لأوامر السلطات الفرنسية فأقدمت على خلعه في 20 أوت 1953 ونفيه وتعويضه بابن عمه محمد بن عرفة فكان ذلك منطلقا لاندلاع الثورة المسلّحة.

ب- المقاومة المسلّحة :

ظهرت المقاومة المسلّحة في شكل عمليات فدائيّة ضد رموز الاستعمار والموالين لهم. كما تمثّلت في عمليات تخريبيّة لصالح الاستعمار وفي مقاطعة البضائع الفرنسيّة. وتدعّمت هذه المقاومة بتكوين جيش التحرير المغربي بقيادة المهدي بن بركة.

ج- المفاوضات وتحقيق الاستقلال :

تزامن تصعيد المقاومة في المغرب مع عدّة أحداث هامة على الساحة المغاربيّة والعالميّة خاصة منها انطلاق الثورة المسلّحة في الجزائر (نوفمبر 1954) وهزيمة الجيش الفرنسي في الهند الصينيّة... فاضطرت فرنسا إلى اللجوء للحلّ السلمي.

بادرت فرنسا بإعادة السلطان المخلوع واعترفت في اتفاق "سيل سان كلود" بمبدأ الاستقلال وتشكيل حكومة تفاوضيّة. وانتهت المفاوضات بصدور بلاغ مشترك فرنسي مغربي يوم 2 مارس 1956 يقرّ بإنهاء الحماية واستقلال المغرب الاقصى.

ثم قبلت إسبانيا في أفريل 1956 التخلّي عن الأراضي التي كانت تحتلها بالشمال باستثناء مدينتي سبتة ومليلة.

خاتمة 

أحرز المغرب الأقصى على استقلاله بفضل تكتل القوى الوطنية. وقد جمعت الحركة الوطنيّة المغربيّة بين النضال السياسي والكفاح المسلّح.

مفهوم الانتخابات


مفهوم الانتخابات


السنةالسادسةمن التعليم أساسي

1- تعريفها :

الانتخابات لغة معناها الاختيار والانتقاء، أمّا قانونيّا فالانتخاب هو إجراء قانونيّ يحدّد نظامه ووقته ومكانه في دستور أو لائحة ليختار على مقتضاه شخص أو أكثر لرئاسة مجلس أو نقابة أو ندوة أو لعضويّتها أو ما شابه ذلك.

إذا فالانتخابات هي الوسيلة الّتي بموجبها يختار المواطنون الأشخاص الّذين يسندون إليهم مهام ممارسة السّيادة أو الحكم نيابة عنهم سواء كان ذلك سياسيّا (الانتخابات التّأسيسيّة – البرلمانيّة – البلديّة....) أو في مختلف المجالات ( اجتماعيّا – ثقافيّا – اقتصاديّا....).

ولا تعدّ الانتخابات مؤسّسة قانونيّة حديثة حيث أنّها وجدت في العصور القديمة واعتمدتها عدّة أمم مثل الرّومان.

← انطلاقا من هذه المفاهيم يمكن اعتبار الانتخاب واجب وحقّ فهو يعدّ واجب من جهة أنّه منبعث من التزام المواطن بتسيير شؤون البلاد الّتي ينتمي إليها وتقتضيه ضرورة المساهمة في تطويرها كما يعدّ أيضا حقّا يمنحه القانون للمواطن يمكّنه من حرّيّة اختيار من ينوبه في تسيير الشّؤون لأنّه يتعذّر عليه أن يباشر تلك المهام بنفسه.


مفهوم الانتخابات


2- مراحل الانتخاب :

للقيام بعمليّة الانتخاب يجب على النّاخب ( الشّخص الّذي يمارس الانتخاب) القيام بعدّة مراحل وهي:

التّوجّه إلى مركز الاقتراع ( المركز الّذي ستتمّ فيه عمليّة الاقتراع).

الانتظام في الصّفّ أمام مركز الاقتراع المخصّص وانتظار الدّور.

إظهار اليدين ممدودتين لإثبات عدم وجود الحبر الانتخابي ويتمّ التّأكّد من وجود الاسم بالسّجل المتوفّر لدى العون.

إغماس الإصبع في المحبرة والتّأكّد من وجود الحبر به.

الإمضاء بالسّجل وتقديم بطاقة التّعريف الوطنيّة.

أخذ الوثائق الخاصّة بالانتخاب.

التّوجّه نحو الخلوة (مكان منزو لا يمكن لأحد استكشافه).

اختيار القائمة أو الشّخص المراد انتخابه بوضع العلامة ×.

وضع الورقة بظرف لا يحمل أيّ إشارة للمحتوى.

وضع الظّرف في صندوق الاقتراع.

التّوجّه نحو العون واسترجاع بطاقة التّعريف الوطنيّة.

مغادرة المركز بكلّ هدوء واحترام.

3- خصائص الانتخابات :

للانتخابات خصائص وجب توفّرها:

• العموميّة: حيث أنّ الانتخاب حقّ لكلّ التّونسيّين ذكورا كانوا أم إناثا داخل الوطن أو خارجه ممّن يتوفّر فيهم الشّروط القانونيّة.

• المباشرة : باعتبار أنّ المواطن مطالب بالقيام بعمليّة الانتخاب بمفرده دون إنابة ( يضع من يعوّضه).

• السّرّيّة : نظرا لأنّ العمليّة الانتخابية يجب أن تكون سرّيّة وذلك بدخول النّاخب إلى الخلوة بعيدا عن الأنظار.

• الحرّيّة: لأنّ النّاخب يختار من يشاء بكلّ حرّيّة دون أيّ ضغوطات واستدراج أو استمالة.




الخميس، 21 مارس 2024

النّشيد الوطني التّونسيّ



النّشيد الوطني التّونسيّ



 النّشيد الرّسمي التّونسيّ :
يعتبر النّشيد الرّسمي المعتمد حاليّا والمعروف بمطلعه "حماة الحمى" النّشيد الثّاني الّذي تمّ اعتماده نظرا لكونه قد سبقه النّشيد الرّسمي "ألا خلّدي" الّذي تمّ اعتماده بين 1958-1987 وقد تمّ العمل به بعد الإطاحة بالملكيّة وعوّض بذلك "سلام الباي" وذلك في عهد الرّئيس الحبيب بورقيبة الّذي وافق على اختياره بعد المسابقة الّتي نظّمتها وزارة التّربية والتّعليم لاختيار النّشيد الوطني حيث شارك 53 شاعرا و23 موسيقيّا وتمّ فرز المشاركات من قبل لجنة من الوزارة الّتي اختارت عمل الشّاعر جلال الدّين النّقّاش والملحّن صالح المهدي.

هذا النّشيد يشير صراحة إلى شخص الرّئيس الحبيب بورقيبة في قوله "نخوض اللّهيب بروح الحبيب زعيم الوطن" ذلك ما جعل الرّئيس المخلوع زين العابدين بن عليّ يغيّر من النّشيد الوطني الحالي" حماة الحمى" الّذي كتب أغلب كلماته مصطفى صادق الرافعي وتمّت إضافة بيتين للشّاعر أبو القاسم الشّابي ولحّنه أحمد خير الدّين.





حُمَاةَ الحِمَى يَا حُمَاةَ الحِمىَ هَلُمّوا هَلُمّوا لمَجْدِ الزّمَنْ

لَقَدْ صَرَخَتْ فِي عُرُوقِنَا الدّمَاءْ نَمُوتُ نَمُوتُ وَيَحْيَا الوَطَنْ

لِتَدْوِ السَّمَاوَاتِ برَعْدِهَا لِتَرْمِ الصَّوَاعِقُ نِيرَانَهَا

إلَى عِزِّ تُونِسْ إلَى مَجْدِهَا رِجَالَ البِلاَدِ وَشُبّانِهَا

فَلَا عَاشَ فِي تُونِسْ مَنْ خَانَهَا وَلَا عَاشَ مَنْ لَيْسَ مِنْ جُنْدِهَا

نَمُوتُ وَنَحْيَا عَلَى عَهْدِهَا حَيَاةَ الكِرَامِ وَمَوْتِ العِظَامْ

وَرِثْنَا السَّوَاعِدْ بَيْنَ الأمَمْ صُخُورًا صُخُورًا كَهَذاَ البِنَاءْ

سَواعِدَ يَهتَزُّ فَوْقَهَا العَلَم نُبَاهِي بِهِ وَيُبَاهِي بِنَا

وَفِيهَا كِفا للعُلَا وَالهِمَم وَفِيهَا ضَمَانٌ لنَيْل المُنَى


الأربعاء، 20 مارس 2024

تاريخ العلم التّونسي


تاريخ العلم التّونسي




يرجع تاريخ العلم التّونسيّ في شكله الحالي إلى عهد حسين باي الثّاني 1835-1854 حيث فكّر في استنباط علم جديد بعد انهزام العثمانيّين في معركة "نافرين" سنة 1827 للتّمييز بين الإيالة التّونسيّة وبقيّة الولايات العثمانيّة وكي لا يدخل في خلاف مع السّلط العثمانيّة اقتبس العلم الجديد من الرّاية التّركيّة حيث تمّ الاحتفاظ باللّون الأحمر و أضيف إليه قرص أبيض وسط العلم كما تمّ تغيير لون النّجمة والهلال من الأبيض إلى الأحمر.

كان ظهور العلم في السّنوات الأولى محتشما إلى أن تولّى أحمد باي عرش البلاد سنة 1837 فأمر بتوزيع العلم على كافّة أفواج العسكر التّونسيّ وتمّ رفعه على المصالح الحكوميّة والبواخر الحربيّة والتّجاريّة. وتواصل اعتماده إلى يومنا الحالي وحتّى فترة الاستعمار الفرنسيّ لم تتجرّأ الحكومة الفرنسيّة على نزعه بل رفعت علم فرنسا بجانبه.

للعلم التّونسيّ عدّة مكوّنات لكلّ منها رمزيّة ومعنى كما يلي :

• اللّون الأحمر : يشير إلى التّضحية والجهاد والفداء تخليدا للنّضال الوطني ووفاء لدماء الشّهداء كما يعبّر عن استمراريّة الاستعداد للتضحيّة دفاعا عن الوطن.

• اللّون الأبيض : وهو رمز الصّفاء والسّلم والتّآخي.

• النّجم المخمّس الأحمر : وهو يرمز إلى قواعد الإسلام الخمس : (الشّهادتان - الصّلاة - الزّكاة - الصّوم - الحجّ)

• الهلال الأحمر : يرمز إلى الفتوحات الإسلاميّة ويعبّر عن انتساب تونس إلى العروبة والإسلام.




الثلاثاء، 19 مارس 2024

درس سقوط الإمبراطورية العثمانية وتوغل الاستعمار بالمشرق العربي


درس سقوط الإمبراطورية العثمانية وتوغل الاستعمار بالمشرق العربي


درس سقوط الإمبراطورية العثمانية وتوغل الاستعمار بالمشرق العربي :

مقدمة :

فقدت الدولة العثمانية منذ القرن 18م المقومات التي بنيت على أساسها إمبراطوريتها الواسعة، ولم تفلح رغم سياسة الإصلاحات التي نهجتها خلال القرن 19م في إيقاف التغلغل الاستعماري الأوربي والحركات الانفصالية المحلية.

فما هي أسباب انهيار الإمبراطورية العثمانية؟
وما هي نتائج انهيارها على وضعية المشرق العربي؟


1- أسباب انهيار الإمبراطورية العثمانية:

أ- الأسباب الداخلية المؤدية إلى سقوط الإمبراطورية العثمانية:

تجلت في: تدهور الأوضاع الاقتصادية والفساد الإداري وانعدام الأمن واستغلال الأتراك للعرب، مما أدى إلى قيام ثورات داخلية تزعمها القوميون العرب الذين عقدوا المؤتمر العربي في 1913م، وطالبوا بالاستقلال عن تركيا، ولم تستطع الإمبراطورية العثمانية الدفاع عن ليبيا ضد التوغل الإيطالي، فمنحتها الاستقلال سنة 1912م لتسقط تحت السيطرة الإيطالية.

ب- الأسباب الخارجية المؤدية إلى سقوط الإمبراطورية العثمانية:

• الآليات العسكرية: تمثلت في التحالف الأوربي لتقويض الإمبراطورية سواء من حيث المواجهة العسكرية (الهزائم المتتالية)، أو من حيث إجبارها على توقيع معاهدات صلح تنص على اقتطاعات ترابية.

• الآليات الاقتصادية: أحدثت الدول الأوربية صندوق الدين العثماني بهدف إثقال كاهل الدولة بالديون، ناهيك عن إبرام معاهدات تجارية غير متكافئة بهدف إغراق الأسواق العثمانية.

‌• الآليات السياسية: تمثلت في استمالة الدول الأوربية للحركات المعارضة للنظام العثماني إلى جانبهم، علاوة على تشجيعهم للحمايات القنصلية وتوصلهم لاتفاقيات ثنائية لاقتسام ممتلكات الدولة.

• الآليات الدينية والثقافية: أرسل الأوربيون حملات تبشيرية بدعوى حماية المسيحيين وأسسوا عدة مدارس ومستشفيات وجمعيات خيرية.

يضاف إلى ذلك تغير موازين القوى لصالح الغرب في الجميع المستويات، مما ساعد على ضرب السيادة العثمانية في العمق، مما تسبب في ضعفها فتحولت إلى ما يعرف بالرجل المريض.

ج- دور ظرفية الحرب العالمية الأولى في سقوط الدولة العثمانية:

ساهمت ظرفية الحرب العالمية الأولى في انهيار الإمبراطورية العثمانية، من خلال:

رغبة الشعوب غير التركية في الانفصال التام عن تركيا: بسبب سياسة تتريك الشعوب التي نهجها “حزب تركيا الفتاة”، وقد تزامن ذلك مع بوادر اندلاع حرب عالمية أولى.

الوعود البريطانية للعرب بالاستقلال: عند اندلاع الحرب العالمية الأولى قدمت إنجلترا في شخص مندوبها السامي في مصر “السير هنري مكماهون” (Sir Henry McMahon) وعودا لشريف مكة حسين بن علي بتأسيس دولة عربية يعين على رأسها مقابل أن يستغل نفوذه الديني لتشجيع العرب على الثورة ضد الأتراك، وهكذا اندلعت الثورة العربية سنة 1916م من الحجاز وانتهت بتصفية الإدارة التركية من البلاد العربية في المشرق لكن انجلترا لم تف بوعودها إزاء العرب، وبدأت في تنفيذ مراميها الاستعمارية وتوقيع اتفاقيات استعمارية مع دول الحلفاء تهدف إلى تقسيم المشرق العربي فيما بينهم، منها: اتفاق “سايكس بيكو” و”وعد بلفور”، وفي سنة 1920م فرضت “معاهدة سيفر” على الدولة العثمانية وأعلنت بنودها عن نهاية الدولة العثمانية.

2- التطور العام في المشرق العربي عقب سقوط الإمبراطورية العثمانية:

أ- مفهوم الانتداب وخريطته السياسية بالمشرق العربي:

الانتداب: هو إشراف إحدى الدول القوية على إدارة بعض المناطق التي أصبحت تخضع لوصاية عصبة الأمم، وذلك بهدف جعلها قادرة على حكم نفسها بنفسها وهو ما حدث تماما بالمناطق الخاضعة للإمبراطورية العثمانية، حيث عقدت الدول الأوربية سنة 1920م مؤتمر “سان ريمو” لوضع الترتيبات النهائية لتقاسم احتلال الشرق العربي في إطار نظام الانتداب، فأصبحت العراق والأردن وفلسطين تحت نفوذ بريطانيا، وسوريا مع لبنان تحت نفوذ فرنسا، كما أسس مصطفى كمال جمهورية تركيا الحديثة بعد إنهاء الخلافة العثمانية سنة 1924م.

ب- توطيد النفوذ الاستعماري بالمشرق العربي في ظل نظام الانتداب:

عملت انجلترا على خلق كيانات سياسية تابعة لها بالمناطق التي سيطرت عليها بالمشرق العربي، ونهجت فرنسا أسلوب الحكم المباشر، وعينت كل دولة منهما وزراء محليين من الأعيان مع الإبقاء على السلطة الفعلية بأيدي المندوب السامي، وفي نفس الوقت عملت الدولتان على قمع المقاوميين الوطنيين، كما أقامت سلطات الانتداب البريطاني والفرنسي نظاما اقتصاديا استغلت فيه ثروات المنطقة وربطتها بالنظام الرأسمالي، فكانت السياسة المالية والفلاحية تخدم مصالح المعمرين وأجبرت الفلاحين على الهجرة، أما السياسة الصناعية فقد أثرت على الصناعة التقليدية، وتميزت أوضاع العمال بالتدهور وظل الميزان التجاري للدول المنتدبة في حالة عجز دائم.

ويمكن تقسيم الآليات والوسائل المتبعة من قبل دول الانتداب في توطيد نفوذ الاستعمار بالمشرق العربي إلى نوعان:

ولئن أبرزت هذه الآليات مظاهر وأساليب التغلغل الاستعماري بالمشرق العربي في ظل الانتداب فإنه كانت لها انعكاسات متعددة مست مختلف الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.

خاتمة:

ظل تزايد الاستغلال الاقتصادي وتأزم الأوضاع الاجتماعية، كان رد فعل العرب هو القيام بتوارث وتأسيس الحركات الوطنية الناهضة للاستعمار

شرح العبارات:

سايكس بيكو: سايكس هو وزير خارجية بريطانيا، وبيكو هو وزير خارجية فرنسا.

الانتداب: شكل استعماري اعتمد على ازدواجية الإدارة بين إدارة أجنبية ذات سلطة فعلية وإدارة وطنية ذات سلطة شكلية واتخذ كمبرر تولي الدولة الكبيرة تسيير شؤون الدولة الصغيرة.

حكم مباشر: شكل استعماري قام على انفراد الإدارة الأجنبية بالسلطة بعد إقصائها للإدارة الوطنية.






الاثنين، 18 مارس 2024

درس نظام القطبية الثنائية والحرب الباردة


درس نظام القطبية الثنائية والحرب الباردة


درس نظام القطبية الثنائية والحرب الباردة :

مقدمة :

انقسم العالم بعد الحرب العالمية الثانية الى معسكرين أحدهما شرقي اشتراكي بزعامة الاتحاد السوفياتي، والثاني غربي رأسمالي تتزعمه الولايات المتحدة الأمريكية، وتميزت العلاقات بينهما بالصراع والتوتر في إطار الحرب الباردة.

فما هو السياق التاريخي لبروز نظام القطبية الثنائية؟ وما هي أسباب ومظاهر وأزمات الحرب الباردة الأولى؟ وماذا عن مرحلة التعايش السلمي والحرب الباردة الثانية؟

1- السياق التاريخي (الظروف التاريخية) لبروز نظام القطبية الثنائية:

أ- المد الشيوعي السوفياتي في أوروبا الشرقية:

انعقد مؤتمر يالطا في فبراير 1945 بحضور الرئيس الأمريكي روزفلت والوزير الأول البريطاني تشرشل والرئيس السوفياتي ستالين، حيث أسفر عن الاتفاق حول تقسيم ألمانيا إلى أربع مناطق نفوذ.

والتزم ستالين بدعم و.م.أ ضد اليابان بفتح جبهة عسكرية مقابل الحصول على مكتسبات ترابية (مناطق نفوذ سوفياتي في القارة الأوروبية).

وهكذا تكون معسكر شيوعي شرقي قوي بدعم وتوجيه الاتحاد السوفياتي، ويضم:

- دول شيوعية: بولونيا, رومانيا, بلغاريا, هنغاريا, ألبانيا, تشيكوسلوفاكيا.

- مناطق محتلة من طرف الاتحاد السوفياتي: ألمانيا الشرقية وجزء من النمسا

تكوين أحزاب شيوعية غربية خاصة بفرنسا وايطاليا.

خلف هذا الوضع تخوفات لدى الدول الغربية الرأسمالية من تزايد الأطماع السوفياتية.

ب- رد الفعل الأمريكي من خلال مشروع مارشال:

مشروع مارشال هو مشروع للمساعدة الاقتصادية الذي تبنته الحكومة الأمريكية خلال ولاية الرئيس الأمريكي ترومان سنة 1947م من أجل مساعدة دول أوروبا الغربية المتضررة بعد الحرب العالمية الثانية.

وجاء هذا المشروع كرد فعل أمريكي على المد الشيوعي في أوروبا والعالم، بهدف تطويق ومحاصرة الشيوعية. (مذهب ترومان)

كان رد فعل الاتحاد السوفياتي سلبيا تجاه مشروع مارشال واعتبره وسيلة التدخل الأمريكي/الامبريالي في القارة الأوربية. فدعا الأحزاب الشيوعية إلى مواجهة هذا المشروع والتصدي له.

2- الحرب الباردة الأولى، وبعض أزماتها:

أ- مفهوم الحرب الباردة، ومظاهرها:

المفهوم:
 الحرب الباردة هو تعبير يطلق على التنافس السياسي والأيديولوجي والعسكري بين القطبين الشرقي الاشتراكي بزعامة الاتحاد السوفياتي، والغربي الرأسمالي بقيادة و.م.أ على الصعيد العالمي مع تفادي الاصطدام المباشر. وامتدت من فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية إلى سنة 1989.

ظهرت بوادر الحرب الباردة منذ سنة 1945 بعد إلقاء ال و.م.أ القنبلة النووية في غشت 1945 على اليابان، حيث وجهت من خلالها رسالة قوية في حربها الباردة الديبلوماسية ضد الاتحاد السوفييتي من أجل تغيير مجرى الاتفاق المبرم مع ستالين في مؤتمر يالطا.

المظاهر العسكرية والسياسية والاقتصادية:

• المعسكر الشرقي:

الآليات والوسائل السياسية و العسكرية:

- الكومنفورم 1947م أو مكتب الإعلام الشيوعي لمواجهة الحملة الإعلامية الأمريكية.

- حلف وارسو: ماي 1955م ويضم : الاتحاد السوفياتي, بولونيا, رومانيا, تشيكوسلوفاكيا, ألمانيا الشرقية, بلغاريا, ألبانيا, هنغاريا.

الآليات الاقتصادية: - الكومكون أو مجلس المساعدة الاقتصادية المتبادلة سنة 1949

• المعسكر الغربي:

الآليات والوسائل لعسكرية والسياسية :

- الحلف الأطلسي 1949م ويضم و.م.أ, كندا, بلجيكا, النرويج, فرنسا, اسلاندا, ايطاليا, بريطانيا, اليونان, تركيا 1952 وألمانيا الغربية 1954.

- منظمة الميثاق الأطلسي 1950.

- منظمة جنوب شرق آسيا 1954 .

الآليات الاقتصادية:
 - المنظمة الأوربية للتعاون الاقتصادي سنة 1948 والتي تحولت إلى منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية سنة 196

ب- أهم ازمات الحرب الباردة الأولى (1947-1953): أزمة برلين الأولى والحرب الكورية

• أزمة برلين الأولى 1949: 
اندلعت هذه الأزمة بعد أن قررت الدول الغربية (فرنسا، انجلترا، و.م.أ) توحيد المناطق الألمانية التابعة لها، وتأسيس "جمهورية ألمانيا الفدرالية". فكان رد الفعل السوفياتي هو محاصرة برلين الغربية، وتأسيس "جمهورية ألمانيا الديمقراطية". وكانت النتيجة تقسيم ألمانيا إلى قسمين: شرقي اشتراكي وغربي رأسمالي.

• الحرب الكورية (1950-1953):
 اكتسحت كوريا الشمالية أراضي كوريا الجنوبية في يونيو 1950. فتدخلت و.م.أ لمساندة الجنوب اللبرالي والصين لمساندة الشمال الاشتراكي. وبعد 3 سنوات من الحرب و8 ملايين من القتلى، قسمت شبه الجزيرة الكورية إلى كوريا شمالية اشتراكية، وجنوبية رأسمالية.

3- مرحلة التعايش السلمي والحرب الباردة الثانية:

أ- مرحلة التعايش السلمي (1953-1975)

يقصد بالتعايش السلمي ذلك الانفراج والتحسن الذي حصل في العلاقات الامريكية السوفياتية بين 1953و 1975، والذي خفف من حدة التوتر بينهما، واستهدف الانتقال من مرحلة المواجهة الى مرحلة المفاوضات. وقد ساعد على انطلاق هذه المرحلة׃

- تغيير القيادة السوفياتية بوفاة ستالين سنة 1953 وتعويضه بنكيتاخروتشوف الذي رفع شعار التعايش السلمي مع الأنظمة الرأسمالية، وتجاوب و.م.أ مع هذه السياسة. (إيزنهاور(1953-1961) وجون كيندي (1961-1963).

- غياب القدرة عند أي طرف على حسم الصراع عسكريا (توازن الرعب).

- رغبة برجنيف ونيكسون في تهدئة الأوضاع الداخلية في بلديهما عبر تحقيق اتفاق خارجي دولي.

- الحدود الغير المتناهية للسباق نحو التسلح واستنزافه لميزانية الدولتين.

- أسفرت هذه المرحلة عن العديد من الاتفاقيات من اجل النزع الجزئي للسلاح منها:

- 1959م : الاتفاق على تدويل القطب الجنوبي وتخصيصه للأبحاث العلمية.

- 1963: الاتفاق الأمريكي السوفياتي الانجليزي لوقف التجارب النووية في الفضاء وأعماق البحار.

- 1968: الاتفاق الأمريكي السوفياتي الانجليزي لمنع انتشار الأسلحة النووية.

- 1972 : اتفاقية سالت الأولى للحد من الأسلحة الاستراتيجية.

وقد شهدت مرحلة التعايش السلمي العديد من الأزمات:

• أزمة برلين الثانية : 
بعد الهجرة السكانية المكثفة من ألمانيا الشرقية في اتجاه برلين الغربية الرأسمالية، وأمام رفض الدول الغربية اقتراح الاتحاد السوفياتي بتحويل برلين إلى مدينة محايدة، شرعت سلطات ألمانيا الشرقية السوفياتية ببناء حائط برلين ابتداء من سنة 1961م.

• أزمة كوبا 1962م:
 اندلعت الأزمة بعد اكتشاف طائرات الاستطلاع الأمريكية وجود قواعد سوفياتية لإطلاق الصواريخ بكوبا. وهدد الرئيس الأمريكي كندي السوفيات بشن حرب شاملة. فتم سحب هذه الصواريخ مقابل التزام أمريكا بعدم الاعتداء على كوبا الاشتراكية.

• الحرب الفيتنامية 1965م-1973م:
 دعم الاتحاد السوفياتي فيتنام الشمالية الاشتراكية للسيطرة على فيتنام الجنوبية المدعمة من الولايات المتحدة الأمريكية, وبعد تكبد أمريكا لخسائر اقتصادية، دبلوماسية ومعنوية، انسحبت من الحرب ليتم توحيد الفيتنام وتكوين حكومة شيوعية.

ب- الحرب الباردة الثانية (1975-1985) :

بحلول سنة 1975م تجددت الحرب الباردة في مرحلتها الثانية حيث تميزت هذه المرحلة ب:

- نقل الصراع إلى دول العالم الثالث بالتنافس بين الكتلتين حول تقديم مختلف وسائل الدعم لهذه البلدان، سواء اقتصادية ومالية أوعسكرية وسياسية ( انظر الجدول 25 ص 119).

- تجدد الصراع والسباق نحو التسلح، ووضع برامج عسكرية حديثة في إطار ما يسمى بحرب النجوم.

خاتمة :

إذا كانت الحرب العالمية الثانية قد أفرزت نظام القطبية الثنائية الذي تميز بالتنافس بين الكتلتين الشرقية والغربية وكذا بتصاعد الحركات التحررية بالعالم الثالث، فإن انهيار الاتحاد السوفياتي أدى إلى ظهور النظام العالمي الجديد والقطبية الأحادية.

درس المد الإسلامي : امتداد النفوذ العثماني وبداية التدخل الأوربي



درس المد الإسلامي : امتداد النفوذ العثماني وبداية التدخل الأوربي :


درس المد الإسلامي : امتداد النفوذ العثماني وبداية التدخل الأوربي



مقدمة :

خلال القرنين 15 و16م شكل العالم الإسلامي مجالا لاختبار موازين القوى بين العثمانيين والأوربيين، وامتد الصراع بين الطرفين ليشمل مناطق تجاوزت البحر المتوسط لتصل وسط أوربا ومنطقة المشرق العربي.

فما هي أسباب امتداد النفوذ العثماني والأوربي؟
وما هي مراحل توسع كل منهما؟


1- أسباب امتداد النفوذ العثماني خلال القرنين 15 و16م:

أ- تعددت أسباب امتداد نفوذ العثمانيين بأوربا:

تتجلى هذه الأسباب في رغبة العثمانيين في السيطرة على مدينة القسطنطينية 1453م، واتخاذها عاصمة لإمبراطوريتهم لتأمين المواصلات بين مناطق نفوذهم الآسيوية والأوربية، كما عمل العثمانيون أيضا للرد على المحاولات البرتغالية الهادفة إلى خنق الاقتصاد العثماني والسيطرة على تجارة البحر المتوسط.

ب- دوافع امتداد النفوذ العثماني بالعالم الإسلامي:

سعى العثمانيون إلى مواجهة التدخل الإسباني والإيطالي بشمال غرب إفريقيا، ومواجهة التدخل البرتغالي ببحر عمان، والبحر الأحمر، والمحيط الهندي، وكذا السيطرة على الشرق الأقصى والهند، إضافة إلى حماية الحرمين الشريفين.

2- مراحل توسيع نفوذ الدولة العثمانية خلال ق 15 و16:

أ- مراحل امتداد النفوذ العثماني بأوربا:

استولى السلطان العثماني محمد الفاتح على القسطنطينية لأهميتها الإستراتيجية والتجارية، كما ضم العثمانيون سنة 1463م منطقة البوسنة، واستطاعت جيوش السلطان سليمان القانوني دخول مدينة بودابست عاصمة بلغاريا بعد هزم الجيوش الأوربية في معركة موهاكس استعدادا للهجوم مستقبلا على النمسا وألمانيا، كما تم إخضاع جزر قبرص، وكريت، ورودس سنة 1573م.

ب- مراحل امتداد النفوذ العثماني بالعالم الإسلامي:

هاجم السلطان سليم الأول إيران وانتصر على الشاه إسماعيل في معركة “جال ديران” سنة 1514م بسبب احتلال الإيرانيين للعراق، ونشر مذهبهم الشيعي بالمنطقة، كما استغل السلطان ضعف االمماليك فضم الشام بانتصاره في معركة مرج دابق سنة 1516م، كما ضم مصر والحجاز، فأصبح العثمانيون يحمون الحرمين الشريفين، وخلال سنة 1518م تمكن العثمانيون من ضم الجزائر، وأخضعوا أيضا تونس لحكمهم سنة 1575م بعد هزم الحفصيين، والقضاء على الوجود الإسباني بالمنطقة.

3- أسباب ومراحل بداية التدخل الأوربي ونتائجه في العالم الإسلامي خلال ق 15 و16م:

أـ أسباب التدخل الأوربي بالعالم الإسلامي:

ارتبطت بداية التدخل الأوربي بالعالم الإسلامي بعدة أسباب، منها: الموقع الاستراتيجي لبعض البلدان العربية والإسلامية، كالمغرب الذي يطل على المحيط الأطلنتي والبحر المتوسط، وشبه الجزيرة العربية التي تعتبر نقطة إلتقاء بين أوربا وإفريقيا وآسيا، مما يسمح بمراقبة طرق التجارة العالمية.

ب ـ مراحل بداية التدخل الأوربي في العالم الإسلامي خلال ق 15 و16م:

المغرب الأقصى: ركز البرتغال في احتلالهم للسواحل المغربية خلال المرحلة الأولى على الثغور الشمالية باستعمال القوة، في حين أخضعوا المناطق الجنوبية بنهجهم الأسلوب السياسي والديبلوماسي.

المغرب الأوسط: ركز الإسبان على المدن الساحلية كتلمسان لتأمين الطريق البحري الرابط بين إسبانيا وممتلكاتها بالبحر الأبيض المتوسط.

المشرق العربي: احتل البرتغال الطريقين العالميين عبر الشرق الأدنى نحو أوربا، وهما طريق الخليج العربي وطريق البحر الأحمر، اللذان تتحكم فيهما (مضيق “هرمز” و “باب المندب”)، حيث استطاعوا التحكم في طرق التجارة الشرقية.

ج- ترتب عن التدخل الأوربي في العالم الإسلامي مجموعة من النتائج:

فقد المغرب أهميته التجارية (تجارة القوافل الصحراوية) بعد هيمنة البرتغال على مصادر الإنتاج بالجنوب، نفس الضرر لحق بالمشرق العربي من خلال القضاء على الوساطة العربية بين أوربا والمناطق الآسيوية المنتجة للتوابل والحرير، كما أدى التدخل الأوربي بالعالم الإسلامي إلى اندلاع المقاومة ضد الاحتلال الأجنبي بتوجيه من العلماء، أما بالمغرب فقد ظهرت الدولة السعدية التي حملت لواء الجهاد ضد الأيبيريين، وتجلى ذلك واضحا خلال انتصارهم على البرتغال في معركة وادي المخازن سنة 1578م.

خاتمة:

 تنازعت العالم التوسطي ابتداء من القرن 15م قوى إسلامية وأوربية، انتهى الصراع بسقوط العالم الإسلامي تحت سيطرة إحدى القوتين، ماعدا المغرب الذي ظهرت به الدولة السعدية.

الأحد، 17 مارس 2024

درس التحولات الكبرى للعالم الرأسمالي وانعكاساتها خلال القرن 19 ومطلع القرن 20


درس التحولات الكبرى للعالم الرأسمالي وانعكاساتها خلال القرن 19 ومطلع القرن 20


درس التحولات الكبرى للعالم الرأسمالي وانعكاساتها خلال القرن 19 ومطلع القرن 20 :

مقدمة :

أدت التحولات الاقتصادية والاجتماعية والفكرية التي نتجت عن الثورة الصناعية بأوربا الغربية إلى تطور النظام الرأسمالي واشتداد التنافس الاستعماري، مما كان له تأثير عميق على العالم خلال القرن 19 ومطلع القرن 20. 

فما هو الإطار الزمني والمكاني لبرنامج مادة التاريخ؟ وما السؤال الإشكالي الذي يوجه الاشتغال بالموضوع والأسئلة المتفرعة عنه؟

1- الإطار الزمني لبرنامج مادة التاريخ:

أ- بالعالم الرأسمالي المركز:

يشمل البرنامج المرحلة التاريخية الممتدة بين القرنين 19و20م، والتي تميزت بعدة أحداث مترابطة فيما بينها:

عرفت الأنظمة الرأسمالية تطورات مهمة بعد ظهور الآلة البخارية التي أدت إلى تطور الصناعة ووسائل المواصلات، وكذا ازدهار المبادلات التجارية وتطور الأبناك مع ازدياد الحاجة للمواد الأولية والأسواق الاستهلاكية، فاشتد التنافس بين الدول الرأسمالية، مما أدى إلى ظهور الحركة الامبريالية.

نتج عن التنافس الامبريالي تصاعد التحالفات والتسابق نحو التسلح واستعمار عدة بلدان، ثم قيام الحرب العالمية الأولى.

وعموما يمكن إجمال التحولات التي عرفها العالم الرأسمالي، فيما يلي:

ـ سياسيا: ترسيخ دور ومكانة الدولة الأمة (تفشي النزعة الليبرالية والقومية).

ـ اقتصاديا واجتماعيا: تعزيز مكانة الرأسمالية الليبرالية، وظهور مجتمع رأسمالي جديد.

ـ فكريا: بروز الفكر الاشتراكي وتبلور فكر وممارسة الحركة النقابية.

ب- بالعالم الإسلامي الطرف:

عرف العالم الإسلامي بدوره أحداثا سياسية كبرى، ارتبطت بالتطور الذي كانت تعرفه القارة الأوربية خاصة بقسمها الغربي، فتعرض للضغوط الإمبريالية.

ابتدأت بشن فرنسا حملة عسكرية على مصر خلال عهد نابليون بونابارت سنة 1799م، ثم تبعها التنافس الإمبريالي على بلدان المغرب العربي والذي انتهى بفرض سيطرته الاستعمارية (احتلال فرنسا للجزائر سنة 1830 واحتلال تونس سنة 1881) مرورا بعقد مؤتمر برلين 1885 وتقسيم القارة الإفريقية (احتلال إيطاليا لليبيا سنة 1911 وفرض الحماية الفرنسية على المغرب سنة 1912).

في حين عرف المشرق الاسلامي اشتداد الضغوط الأوروبية على الإمبراطورية العثمانية خلال القرن 19، وما تبعها من إصلاحات أثرت سلبا على أوضاع الإمبراطورية، ثم المحاولة المصرية لإقامة دولة مستقلة ارتباطا باليقظة الفكرية التي عرفها المشرق العربي خلال هذه الفترة.

2- الإطار المجالي للبرنامج:

شهد التراب الأوربي معظم التحولات التي عرفها العالم الرأسمالي خلال القرنين 19و20م، فبأوربا ظهرت الثورة الصناعية ومنها انطلقت شرارة الحرب العالمية الأولى .

كما تأثرت القارة الإفريقية خاصة قسمها الشمالي، فالمغرب تعرض لضغوط إمبريالية انتهت بفرض الحماية عليه رغم المحاولات الإصلاحية التي حاول تطبيقها.

بينما عاشت رقعة المشرق العربي أيضا أحداثا مهمة، انطلاقا من أراضي ومستعمرات الإمبراطورية العثمانية والمحاولات التحديثية التي عرفتها مصر.

3- إشكالية برنامج مادة التاريخ:

تطرح علينا إشكالية البرنامج استرجاع مكتسبات المادة من خلال معرفة التحولات العميقة التي عرفها العالم الرأسمالي وتأثيرها على باقي دول المغرب العربي (حالة فرض الحماية على المغرب) والمشرق العربي (الضغوط الإمبريالية على الإمبراطورية العثمانية، ومحاولات الاستقلال المصرية).

من هنا نرى أن هذه التحولات تطبعها الشمولية (اقتصادية، سياسية، اجتماعية، فكرية) والتعددية الجغرافية (دولية، إقليمية، وطنية)، أي ارتباط ما هو داخلي بما هو خارجي.

هذا الإشكال المركزي تتولد عنه أسئلة فرعية للبرنامج حول:

ـ ما مظاهر التحول التي عرفها النظام الرأسمالي بأوربا وخارجها؟

ـ ما جوهر التحول في النظام الرأسمالي؟

ـ كيف مارست القوى الرأسمالية سيطرتها على العالم؟

ـ كيف تعاملت الأطراف الأخرى مع التغلغل الإمبريالي؟

خاتمة:

تعتبر فترة القرنين 19و20 غنية بالتحولات الكبرى التي أثرت في العالم المعاصر، ولا زالت تنعكس على حياة الساكنة العالمية.

السبت، 16 مارس 2024

درس التربة


درس التربة


درس التربة:

مقدمة:

تشكل التربة القشرة الخارجي التي تغطي الغلاف الصخري للأرض و أحد المكونات الطبيعية الهامة بالنسبة للإنسان و البيئة.

فما هي التربة؟ و ما خصائصها الأساسية؟

- ما مراحل تكونها و أصنافها الكبرى؟

- كيف تتوزع أنواعها على سطح الأرض؟ و ما العوامل المفسرة لذلك؟

- ما أهمية التربة بالنسبة للإنسان؟ ما مظاهر و عوامل تدهورها؟

- و كيف نحافظ عليها؟

1- التربة و خصائصها الأساسية:

أ- تعريف التربة:

* التربة وسط معقد تشكل من مكونات ناتجة عن تفتت الصخرة الأم تحت تأثير عوامل جوية و بيولوجية: تفكك ميكانيكي و تحلل كمبيائي في المرحلة المعدنية ، تراكم و تحلل النباتات و الحيوانات في المرحلة العضوية .

* تستعمل رموز اصطلاحية دولية لمسكات التربة ( الآفاق أو الطبقات التي تتكون منها التربة و التي تنتظم، عادة، بشكل أفقي )

ب- الخصائص الأساسية للتربة:

● الخصائص الفيزيائية للتربة:

- قوام التربة: التركيب الحبيبي للتربة حيث تصنف الحبيبات حسب قطرها من الأكبر إلى الأصغر و حسب توازنها.

- بنية التربة: كيفية انتظام الحبيبات و درجة التحامها.

- لون التربة: يكتسب تبعا لطبيعة الصخر و نوع المعادن و نوع الأملاح و المواد العضوية.

- سمك التربة: يتباين حسب طبيعة الصخرة الأم و درجة انحدار التربة و نوع المناخ و مدة تكوين التربة.

● الخصائص الكيميائية للتربة:

• تجذب الدبقات الإيونات الموجبة الناجمة عن انحلال الصخور و أيونات الهيدروجين. ويشكل مجموع الأيونات الموجبة العالقة بالدبقات المركب الماص ( Complexe absorbant ) الذي يلعب الدور الأساسي في تغذية النباتات. و هو الذي يقوم بجمع عناصر الأسمدة المغذية لتوزيعها على النباتات.

• تنتج الحموضة في التربة عن تأثير الصخور أو النباتات التي تعطي أيونات من الهيدروجين.و يعبر عنها اصطلاحيا ب( PH). و تتكيف معظم النباتات مع تربة يتراوح ( PH) فيها بين 6 و 7.5

● الخصائص البيولوجية للتربة:

• الذبال : مجموع الجزئيات العضوية الناتجة عن تحلل حطام النباتات و الحيوانات. و تشكل عادة المسكة العليا للتربة.

• يصنف الذبال إلى ثلاثة أنواع:الذبال الرطب، الذبال الخام، الذبال المختلط. و يتم التميز بين هذه الأنواع على أساس النشاط البيولوجي و تحلل المواد العضوية، ونسبة الحموضة، والبنية

2- مراحل تكون التربة و أصنافها الكبرى:

أ- مراحل تكون التربة:

• في المرحلة الأولى تتشقق القاعدة الصخرية و تتفتت الصخرة الأم بفعل عوامل التجوية.

• في المرحلة الثانية تساهم النباتات و الحيوانات في تفتيت الصخور.

• في المرحلة الثالثة تظهر مسكتين: A القريبة من السطح و الغنية بالمادة العضوية، و C المنتمية إلى الصخرة الأم.

• في المرحلة الرابعة تنضج التربة بعد تكون المسكة C المتوفرة على الأملاح و أكاسيد المعادن و ارتباط التربة بالغطاء النباتي.

ب- أصناف التربة:

• تربة غير متطورة تحتفظ بخصائص الصخرة الأم، و ليس لها مسكة واضحة. مثل تربة المناطق الصحراوية و القطبية.

• تربة قليلة التطور ذات مسكة ذبالية أو حصوية أو صلصالية أو معدنية. مثل التربة الحمراء المتوسطية

• تربة متطورة بها مسكات التربة الناضجة (A ,B,C) . مثل التربة السمراء بالمناطق المعتدلة .

3- التوزيع الجغرافي لأنواع التربة في العالم وتفسيره:

أ- التوزيع الجغرافي للتربة في العالم:

• تتوزع تربة لاتيرايت Latérite(بالمناطق المدارية) و التربة الصحراوية (بالصحاري الحارة )و تربة البودزول (بالمناطق الباردة) نسبة لايستهان بها من مساحة اليابس. وتأتي بعدها أنواع أخرى منها تربة السهوب و التربة الحمراء و الصفراء.

• في المقابل تتمركز تربة تشرنوزيوم ( تربة سوداء) في بعض مناطق روسيا و أوربا الشرقية و أمريكا الشمالية و الأرجنتين. تنحصر تربة الجبال في المرتفعات و تربة التوندرا في المناطق القطبية.

ب- العوامل المفسرة للتوزيع الجغرافي لأنواع التربة:

• يعتبر المناخ من أهم العوامل المتحكمة في عملية التترب. و بالتالي يسجل تطابق نسبي بين توزيع الأصناف الكبرى للتربة الناضجة و النطاقات المناخية.

• تتأثر عملية التترب بعوامل أخرى منها الغطاء النباتي و الجريان المائي و الحيوانات، فضلا عن تدخل الإنسان.

4- أهمية التربة بالنسبة للإنسان، ومظاهر وعوامل تدهورها وسبل المحافظة عليها:

أ- أهمية التربة:

• التربة أحد أهم الموارد الطبيعية : فهي ضرورية للنشاط الفلاحي و للغطاء النباتي .و تعد التربة مصدرا لبعض مواد البناء و الموارد المعدنية، وأداة منظمة للجريان المائي . و تعمل التربة كمصفاة لحماية جودة الماء و الهواء و الموارد الطبيعية الأخرى.كما تستعمل في الأشغال العمومية .

ب- تدهور التربة و سبل المحافظة عليها:

• تصنف التربة حسب درجة تدهورها إلى أنواع منها تربة قليلة التدهور، و تربة متدهورة، و تربة جد متدهورة ، فضلا عن التربة الصحراوية.

• يرتبط تدهور التربة بعوامل تصنف إلى مجموعتين:

- عوامل طبيعية: تضاريس منحدرة، تساقطات غزيرة، فيضانات و سيول ن توالي الجفاف، الرياح.

- عوامل بشرية: استغلال زراعي كثيف ، استعمال غير عقلاني للأسمدة و المبيدات و الري، رعي جائر، اجتثاث الغابة، استغلال صناعي و منجمي غير رشيد، ضغط سكاني.

• من بين سبل المحافظة على التربة: الحرث حسب خطوط الكنتورية ( التسوية ) ، وبناء المدرجات في المنحدرات ، و إقامة الحواجز للتقليل من التعرية الريحية و لتثبيت الكثبان الرملية ، و التشجير لمحاربة انجراف التربة ، و الزراعة بالتناوب او الدورة الزراعية

خاتمة: 

تشمل التربة عدة مكونات ،و يتباين توزيعها الجغرافي حسب الظروف الطبيعية خاصة المناخية، و تتدهور باستمرار بفعل مجموعة من العوامل منها التزايد السكاني.

شرح المصطلحات:

- دبقات: جمع دبقة جزيئ من طين أو ذبال أو أكسيد معدني ذو شحنة كهربائية سالبة.

- حصيم: أجزاء صخرية أقل حجما من الحصى.

- مسام: فجوات توجد بين حبيبات التربة.

- لحمة: مجموعة حبيبات دقيقة ملتحمة فيما بينها.

- حموضة التربة: نسبة إيونات الهيدروجين في الماء بالتربة.

- تترب: مجموع العمليات الفيزيائية و الكيميائية و البيولوجية التي أدت تكون التربة و تطورها.

- تجوية: تأثير الجو ميكانيكيا ( الحرارة) و كيميائيا ( الرطوبة) على الصخور( التفكك و التحلل)

- غسل التربة: عملية نقل الماء في التربة لمكونات عضوية و أملاح معدنية و أكاسيد المعادن إلى مستوى معين.

- الزراعة بالتناوب: تعاقب مزروعات مختلفة في نفس الحقل للحفاظ على خصوبة التربة.

الخميس، 14 مارس 2024

درس العالم غداة الحرب العالمية الأولى


درس العالم غداة الحرب العالمية الأولى

درس العالم غداة الحرب العالمية الأولى:

شهد العالم خلال الربع الأول من القرن العشرين اندلاع الحرب العالمية الأولى، والتي دارت بين دول الوسط أو المركز أو المحور( ألمانيا ، الإمبراطورية النمساوية الهنغارية ، الإمبراطورية العثمانية ، بلغاريا ) و دول الوفاق أو الحلفاء ( فرنسا ، بريطانيا ، الولايات م الأمريكية ، إيطاليا ، روسيا القيصرية ). و انتهت بانتصار الطرف الأخير. 

فما هي النتائج السياسية و الاقتصادية لهذه الحرب ؟

1- مؤتمر الصلح ومعاهدات السلم :

أ- انعقد مؤتمر الصلح بباريس سنة 1919 :

• ظروف انعقاد المؤتمر :

- نهاية الحرب العالمية الأولى بانتصار دول الحلفاء أو الوفاق على معسكر الوسط .

- خسائر بشرية ومادية جسيمة في أوربا.

- انعقاد المؤتمر بحضور الحلفاء والدول الموالية لهم ، وفي غياب الدول المنهزمة وروسيا الاشتراكية .

• مواقف الدول الكبرى خلال المؤتمر:

تشبثت فرنسا بتصفية حساباتها مع ألمانيا من خلال إضعافها كليا. في المقابل نادت بريطانيا بالتوازن الأوربي . واقترحت الولايات المتحدة الأمريكية إعادة النظر في العلاقات الدولية من خلال المبادئ 14 للرئيس الأمريكي ولسن Wilson أما إيطاليا فقد طالبت باسترجاع بعض مناطقها المحتلة من طرف النمسا .

• قرار المؤتمر : عقد معاهدات السلم مع الدول المنهزمة ، إنشاء عصبة الأمم .

ب- أبرمت معاهدات السلم سنتي 1919-1920 وتضمنت شروطا قاسية :

• معاهدة فرساي مع ألمانيا: بموجبها استرجعت فرنسا منطقتي الألزاس واللورين ، واقتطعت أراضي من ألمانيا لفائدة الدول المجاورة ، وفقدت ألمانيا مستعمراتها ، ووضعت منطقة السار sarre تحت إشراف عصبة الأمم ، وتم تخفيض الجيش الألماني ، وإلغاء الخدمة العسكرية ، وفرض غرامة مالية باهضة على ألمانيا، وتجريد منطقة الراين من السلاح.

• معاهدة سان جيرمان مع النمسا : ونصت على فصل هنغاريا عن النمسا ، والاعتراف باستقلال االقوميات السلافية الخاضعة للنفوذ النمساوي.

• معاهدة نويي Neuilly مع بلغاريا، ومعاهدة تريانون Trianon مع هنغاريا ( المجر) : تضمنت المعاهدتان اقتطاع أراضي من البلدين لصالح الدول المجاورة.

• معاهدة سيفر Sevres مع الإمبراطورية العثمانية : بمقتضاها تفككت الإمبراطورية العثمانية بعد اقتطاع أراضيها الأوربية لفائدة الدول المجاورة ( مثل اليونان) ، وفرض الانتداب ( شكل استعماري) الانجليزي والفرنسي على المشرق العربي.

2- التحولات الترابية والسياسية لأوربا بعد مؤتمر الصلح وتنظيم العلاقات الدولية :

أ- طرأت تغييرات ترابية على الخريطة السياسية لأوربا من أبرزها :

- اختفاء الإمبراطورية العثمانية والإمبراطورية النمساوية الهنغارية.

- انفصال هنغاريا عن النمسا.

- توسع الدول الموالية للحلفاء مثل رومانيا على حساب دول الوسط.

- ظهور دول جديدة في طليعتها يوغوسلافيا ، تشيكوسلوفاكيا ، دول البلطيق ( استونيا – ليتونيا – ليتوانيا )

ب- استهدفت عصبة الأمم تنظيم العلاقات الدولية:

• في سنة 1920 تأسست عصبة الأمم التي اتخذت جنيف مقرا لها ، والتي استهدفت ضمان السلم العالمي وتعزيز التعاون الدولي من خلال طرح بعض المبادئ من بينها: عدم اللجوء إلى القوة العسكرية لحل الخلافات بين الدول ، واحترام القانون الدولي والمعاهدات الدولية .

• لتحقيق هذه الأهداف ، اعتمدت عصبة الأمم على الأجهزة التالية :

- المجلس الأعلى: ويقوم بمعاقبة الدول المخالفة.

- الأمانة العامة : وتتولى الأعمال الإدارية.

- الجمعية العامة : وتقوم بمناقشة القضايا التي تهدد السلم العالمي وتتخذ قرارات في شأنها.

- محكمة العدل الدولية : مهمتها الفصل في النزاعات القانونية بين الدول.

• فشلت عصبة الأمم في تحقيق أهدافها لعدة عوامل من بينها :

- كانت عصبة الأمم أداة لخدمة مصالح الدول الاستعمارية خاصة انجلترا وفرنسا .

- عدم انضمام الولايات المتحدة الأمريكية إلى هذه المنظمة.

- انسحاب عدة دول من عصبة الأمم في مقدمتها ألمانيا وإيطاليا واليابان.

3- انتقل الثقل الاقتصادي العالمي إلى خارج أوربا :

أ- تدهور الاقتصاد الأوربي بعد الحرب العالمية الأولى :

كانت أوربا ميدانا للحرب العالمية الأولى وبالتالي عرفت خسائر بشرية ومادية كبيرة . وبنهاية هذه الحرب واجهت أوربا مشاكل مرتبطة بالانتقال من اقتصاد الحرب إلى اقتصاد سلمي . وبالتالي انخفض الإنتاج الفلاحي والصناعي وتراجعت المبادلات التجارية الأوربية ، فقلت المداخيل المالية . بالمقابل فالنفقات كانت جد مرتفعة ولهذا ، عرفت الدول الأوربية عجزا كبيرا في ميزانيتها ، فلجأت إلى الاقتراض الخارجي خاصة من الولايات المتحدة الأمريكية. ولهذا عانت من مشكل تراكم الديون.

ب- استفادت بعض الدول غير الأوربية من ظروف الحرب ومخلفاتها :

• أثناء الحرب العالمية الأولى وما بعدها ، أصبحت الولايات المتحدة الأمريكية الممون الرئيسي للدول الأوربية بمختلف المواد الفلاحية والصناعية ، إلى جانب تقديم القروض المالية . في نفس الوقت تضاعفت الصادرات الأمريكية عدة مرات، وبالتالي تزايد الإنتاج الفلاحي والصناعي ، وأصبحت الولايات المتحدة الأمريكية أول قوة اقتصادية في العالم بدل بريطانيا.

• استغلت اليابان انشغال الدول الأوربية بالحرب العالمية الأولى لتقوم بغزو الأسواق الخارجية بمنتوجاتها الصناعية ، وبالتالي ظهرت اليابان كقوة صناعية كبرى .

• تزايدت الصادرات الفلاحية لكل من الأرجنتين والبرازيل وأستراليا و نيوزيلندا ، مثلما تطور إنتاج السكر في كوبا والبرازيل.

خاتمة :

خدمت معاهدات الصلح مصالح الدول المنتصرة في نفس الوقت فشلت عصبة الأمم في تحقيق أهدافها فكانت النتيجة هي قيام الحرب العالمية الثانية.

يتم التشغيل بواسطة Blogger.