الصفحات

الجمعة، 16 أبريل 2021

طور ذاتك واجعل للحياتك معني


طور ذاتك واجعل للحياتك معني

نحن نعيش من أجل غاية معينة وكل منا مسافر في هذه الدنيا، وكتاب الحياة نتعرف فيه على قصص مختلفة من أحاسيس ولحظات وعلاقات ودروس وأشخاص وتجارب وصدمات ومشاكل، والمطلوب منا أن نثبت وجودنا ونحقق غايتنا ونترك أثرنا ونجعل لحياتنا قيمة.

ما سأشاركه معكم جزء مما أراه أنه يجعل للحياة معنى؛ لأن الحياة نعيش فيها مرة واحدة فقط نجرب الجنون والسعادة والإلهام والشغف والوقوع في الحب والنجاح والفشل، ومع كل هذا كلنا نفكر في أشياء معينة يمكنها أن تضيف لحياتنا معنى إنْ فقدنا الشغف والرغبة، لهذا اسأل نفسك ما الذي حقًّا سيجعل لحياتي معنى؟ ودون كل الأشياء التي تشعر بأنها ستضيف لونًا جديدًا في حياتك.

●أوجد ما يثير اهتمامك وشغفك

هناك أمر واحدٌ فقط لا تمل وأنت تقوم به وتفعله يوميًّا وتبحث وتقرأ عنه لهذا أَوْجد فعلًا من أنت؟ ما الذي تحب؟ وما الذي تريد أن تراه في حياتك، وما الشيء أو الأشياء التي يمكنك أن تسكب فيها طاقتك بحب كي تغمرها بما لديك ولا تتوقف أبدًا عن القيام بها ومن أجل مساعدتك بعض الشيء: يمكنك أن تعود للوراء بعض الشيء وتستذكر ما كنت تقوم به في طفولتك لربما ما زال متعلقًا بك، أو حتى الأشياء التي نويت أن تبحث عنها أو ما الذي تجد نفسك تتحدث عنه في كل مرة وتستخدمه في آرائها ومناقشتها…. لأننا بكل صراحة وأنت أيضًا لا تتحدث عن أي شيء معين إلا إذا كان يستهويك وتشعر بقدر من الحب تجاهه.

●ابحث عن الرسالة التي تريد إيصالها

من أنا؟ ما الذي أريده من الحياة؟ بعدما تجد ما يثير اهتمامك فعلًا تجد الرسالة لو بعد وقت طويل والتي تريد إيصالها أو حتى لا تكون متعلقة بمجال عملك أو دراستك أو اهتماماتك، فالرسالة هي حتمًا ما تشعر بأنك مخير ومسير من أجل تحقيقها وأنك خلقت من أجل تأديتها، لأننا كلنا نملك شيئًا نريد إظهاره وإثباته للعالم ككل، واسأل نفسك ما الذي يمكنني إضافته للعالم؟ وكيف يمكنني القيام بذلك وماذا أحتاج؟ لأن الرسالة هي رسالتك أنت وقبل وأثناء عهد الرسول -صلى الله عليه وسلم- كانت هناك رسالات قام بها المرسلون على أكمل وجه.

●ما قِيَمك؟

لديك قيم تسير عليها في حياتك ويمكن القول بأنها بمثابة صفات تتصف بها أنت أو تريد أن تراها في شريك حياتك أو عائلتك أو حتى أصدقائك؛ لهذا دوِّن أهم خمسين قيمة موجودة في حياتك والتي تمثلك وتريد أن تبقى مشيدة في حياتك والتي قد تكون: الرحمة، الجمال، السعادة، الحب، التسامح، الرأفة، التعاون، الصحة. وهذه القيم تعني ما أنت مهتم له فعلًا وتريد أن تكون ماثلة في حياتك في أي وقت، ثم قارن بين كل قيمة وأخرى واعرف ما أكثر واحدة قريبة منك واستخرج خَمْسَ قيم من الخمسين قيمة.

●قم بشيء تريد القيام به

ما الشيء الذي تريد تجربته واكتشافه والقيام به حاليا؟ دوّن ما تريد قد يكون تجربة التمثيل، تجربة الغوص، استكشاف بلد ما، المشاركة في مسابقة معينة أو حفظ القرآن الكريم كاملًا، الانخراط في النوادي الثقافية والجمعيات الخيرية أو حلمًا تجد أنه سيعود عليك بالنفع أنت وغيرك، وستفتح به أبوابًا أخرى من حياتك، لا تضيع أو تنتظر الوقت، قم بذلك حالًا واترك أثرك وبصمتك.

●مساعدة غيرك في أي شيء يحتاجه

كن موجودًا في أي وقت وأي مكان، تساعد غيرك حتى ولو بكلمة أو معلومة أو فكرة. كن معطاء ولا تنتظر المقابل وإذا ساعدت شخصًا ما اطلب منه أن يساعد غيره، وليكن الجميع يدًا واحدة فيد واحدة لا تصفق. ساعد بقدر ما تستطيع بدعاء أو عناق أو ابتسامة أو بمساندة أو بتضامن ومعاونة. كن حاضرًا في أيّ وقت لنفسك، لعائلتك ولأصدقائك ولغيرك، في الطريق الذي تسير فيه يوميًّا يمكنك أن تساعد في رفع الأذى، بتبادل الابتسامة أو برفع المشتريات عمّن لا يقدر على حملها، كن فاعلًا للخير.

●كن لله تعالى

الله تعالى هو من خلقنا، من يتحكم فينا ومن زرع فينا بذرة الإيمان والتدبر في آياته والتأمل في خلقه سبحانه وتعالى، وليس هناك أجمل من أن تذهب وتلجأ لله تعالى عندما تترك الجميع وتصدق ما يبينه لك، تخشاه أو تحبه، وتدعوه دائمًا ويكون موجودًا فيك دائمًا فإذا كنت لا تراه فهو يراك، ابكِ، تضرع، كنْ ضعيفًا أمامه فهو الأحد والوحيد الذي لا يخذلك، لا تفضل الغير عليه ولا تضع مكانة أكبر في قلبك إلا له.

●تحديد هدفك الأسمى

ما الذي تريد تحقيقه وبلوغه والحصول عليه وأين تريد أن ترى نفسك؟ أوجد هدفك، ابدأ بالعمل عليه يوميًّا وضع له خطة محكمة وإن لم تنجح الأولى جرب الثانية، فإذا تمتلك هدفك حققه وطبقه على أرض الواقع.

●الوصول إلى العمق الداخلي في نفسك

أوجد مَن أنت حقا؟ ما هو جوهرك؟ كيف تبدو روحك؟ ما الذي يعجبك وتحبه في نفسك؟ ما الذي تهتم من أجله وما هي مميزاتك وصفاتك؟ فيما أنت مختلف؟ كيف يمكنك أن تكون أفضل نسخة عن نفسك؟ كيف ترى نفسك؟ هل تثق في نفسك وهل تحب ذاتك؟ ما هو الطريق الذي تريد أن تسير عليه؟ صدقني لديك مهجة أكثر من رائعة.

الحياة تجربة بسيطة ومختلفة وفريدة من نوعها والكل يريدون أن يتركوا فيها بصمة جميلة وهذا ما يعتمد عليك انت فقط باختيار ما سيجعل لحياتك معنى.






أحلامنا بين الرضا بالواقع والطموح الواهم

أحلامنا بين الرضا بالواقع والطموح الواهم


كلنا لدينا أحلام نتطلع بشوق لتحقيقها، لكن هل كل هذه الأحلام واقعية قابلة للتحقيق؟ أحيانًا نخدع أنفسنا في طريق تحقيق هذه الأحلام ونبالغ في التعلق بأحلام خيالية وربما وهمية. كيف يمكن لنا أن نوازن بين الرضا بإمكانياتنا المتاحة والأحلام الجميلة التي تسكن خيالنا ونسعى دائمًا لتحقيقها؟

 ما الطموح الواهم؟

كثيرًا ما نسمع الكثير من العبارات التحفيزية الداعية لتحقيق حلمك “أيًّا كان” ونسمع قصصًا كثيرة عن أولئك الذين حققوا “الثراء” حتى وصلوا إلى العالمية، ولكننا لا نعرف ما يختبئ وراء هذه القصص من المجهودات العظيمة والتحولات الفارقة في حياة هؤلاء الناس الذين حققوا هذه الأحلام، كم مرةً فشلوا؟ كم مرةً حوّلوا مساراتهم المهنية؟ لكننا فقط ننبهر بالبريق الأخّاذ لهذه القصص دون الالتفات لمدى واقعيتها، والثمن الباهظ الذي دفعه هؤلاء الناس للوصول إلى هذه المراتب.
لا نسمع شيئًا عن القصص التي بدأت بحُلم كبير ثم تحولت الدفة لحُلم آخر أكثر واقعية، وتغيير المسار بعد اكتشاف المرء لنفسه وإدراكه لإمكاناته الحقيقية ووضعه الحالي. لا بأس أبدًا أن تدرك حقيقة إمكاناتك كإنسان مخلوق على سطح الكرة الأرضية لديه قدرات مختلفة عن غيره، وإلا فلم خلقنا الله مختلفين إذا كان لدينا جميعًا نفس القدرات والإمكانات؟

لكلٍّ منا حياته وظروفه الخاصة، وقدراته وإمكاناته التي يجب أن ندركها بواقعية، ولا نخدع أنفسنا ونغطي أعيننا عنها، فلسنا “أبطالًا خارقين”، بل نحن في النهاية بشر نحاولُ ونسعى ونؤدي واجبنا، والإفراط والمبالغة في تصوير قدرات الإنسان – بحُجة الرفع من معنوياته- قد يوقعه فيما بعد في الإحباط.. بل وأحيانًا الاكتئاب.

هل الرضا بالواقع يعني بالضرورة التخاذل والاستسلام؟

هنا يأتي مفهوم الرضا، الرضا بقدراتك التي خلقك الله عليها والخارجة عن قدرتك في التغيير فإذا خلقك الله بشكلٍ معين فلا داعي أبدًا لتغيير شكلك كما يفعل بعض الناس الذين ينفقون أموالًا طائلة لتغيير أشكالهم التي خلقهم الله عليها ويرفضون نعمة الله عليهم، فالأولى في هذه الحالة هو الرضا بما خلقك الله عليه وتوجيه طاقاتك لما خيّرك الله فيه.
وكمثالٍ آخر على مفهوم الرضا، أنتَ في بلدٍ لا يتيح لك مستوًى تعليميًّا معينًا تريده، وهو متوفرٌ في بلدٍ آخر، ولكنك لا تملك المال، وتُعيل أسرتك هنا في بلدك الذي أنت فيه، فهل الأولى هو قضاء الوقت في التفكير فيما ليس مجاله الآن؟ وشغل النفس عن الواقع بالأحلام التي لا قدرة لنا بها حاليًّا؟ قد تتغير الظروف يومًا ما، ويعود الحُلم ليطفو على سطح الواقع، ولكن كُن عمليًا، إذا كنت قادرًا على تطويع الظروف لحُلمك فافعل، وإلا فكُن مرنًا ولا تجعل الحُلم يوقفك في مكانك عن الاستمرار في الحياة.

 خطوات السعي

ربما يكون ما تتمنى ليس خيرًا لك، في هذه الحالة عليك أن تطلب من الله الإرشاد والإلهام، وأن يختار لك ولا يُخيّرك، فعينُ الإنسان قاصرة عن رؤية الخير من الشر في حياته، وما نسير عليه في اختياراتنا في الحياة هو غلبةُ ظن، وبعد أخذ المشورة والرأي من المقربين، واستخارة المولى عزوجل، وتحكيم العقل لا الهوى. فكثيرًا ما يلعب الهوى دورًا في رفض الإنسان لقضاء الله وقدره عندما تفشل خططه، ويدخله في دوامة السخط التي تستنزف أعصابه وتؤثر على حالته النفسية والجسدية بشكلٍ سيئ. إذًا فهل نستسلم؟
الإنسان الحكيم العاقل المستبصر بنور الله يعرف متى يتنازل عن طريقٍ ما ويسلك طريقًا آخر عندما يعلم أن الطريق الأول ليس الطريق الموصل للهدف. لذلك يجب على الإنسان ألا يتمسك بعناد، بل يهدأ ويتابع الخطوات بتأنٍ ورويِّة ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليُخطئَه وما أخطأهُ لم يكُن ليُصيبَه.
الأمر يحتاج إلى الصبر، وعدم التعلق بزينة الدنيا الفارغة وعدم الجري الأعمى وراء كل ما يقوله الآخرون، فكل تجربةٍ تسمعها ليس بالضروري أن تكون مناسبة لك، أو تكون هي حُلمك المنتَظر. خذ بالأسباب المُتاحة وخذ بوصية الحبيب المصطفى صلّى الله عليه وسلم: “… احْرِصْ علَى ما يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ باللَّهِ وَلَا تَعْجَزْ، وإنْ أَصَابَكَ شيءٌ، فلا تَقُلْ لو أَنِّي فَعَلْتُ كانَ كَذَا وَكَذَا، وَلَكِنْ قُلْ قَدَّرَ اللهُ وَما شَاءَ فَعَلَ، فإنَّ لو تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ. رواه مسلم. امضِ في طريقك، فالأصل في هذه الحياة السعي والجد والعمل، والراحة لها مكانٌ آخر في عالمٍ آخر نسأل الله وإياكم أن نكون من ساكنيه.

 الرضا لا يُساوي الكسل

وعلى الرغم من كل ما سبق، ليس معنى الرضا أن تركن إلى الخمول والكسل والبُكاء على اللبن المسكوب، إنما الرضا يمنحك السعادة والراحة النفسية والمرونة الكافية لتقبل الفشل في بعض التجارب الحياتية والانتقال منها للمحاولة مرة أخرى في مجالٍ آخر، فلا يأس ولا إحباط، وإنما طمأنينة وسكينة ومُثابرة ومحاولة بصبرٍ أهدأ وحكمة أرسخ.
فقط علينا أن نسأل الله أن يرزقنا الحكمة الكافية لمعرفة الطرق التي تستحق المثابرة من الطرق التي سوف نضيع أوقاتنا فيها سُدى، وهذا الأمر لا يتحقق إلا بتوفيق الله وعنايته وبصيرته التي يمنحها للإنسان، ثم الخبرة والتجربة الكافية في عدة مجالات تشغل بال المرء وتناسب قُدراته وآماله وطموحاته.

 التوازن هو الحل

في النهاية، التوازن هو الحل لكل مشكلات حياتنا اليومية، فلا إفراط ولا تفريط. فالرضا بالواقع لا يعني عدم الطموح والركون إلى الكسل والخمول، وكذلك السعي والطموح لا يعني الانجرار إلى عالم الخيالات البعيدة عن الواقع، وإلا فلن تجد لأحلامك مستقرًّا في هذا العالم، ولن تتسبب لك الأحلام إلا في المزيد من الآلام النفسية والتحسر على ما مضى واحتقار الذات. بل وقد تحصرك في عالم أحلام اليقظة الذي لا تستطيع الخروج منه بسهولة وتزيد شعور الانتظار والترقب لشيء قادم قد لا يكون قادمًا حقًّا وقد يكون، ولكن رمي أحمالنا على عاتق الانتظار وحده لا يكفي، فالسعي هو ملاذنا بعد الدعاء والتوكل على الله. فاعلم أن الأمور تجري بمقادير، وأُنهي بوصية النبي -صلى الله عليه وسلم- الخالدة: «اعملوا فكل ٌمُيَسرٌ لما خُلِقَ له».


يتم التشغيل بواسطة Blogger.